للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن يكون ابن عمر إما أراد أن يبيع الزيت قبل ان يحوزه بالربح الذي أربح فيه لأنه تأول أن الزيت ليس من الطعام إذ حكمه حكم الائتدام به لا الأكل له وكان مذهبه إجازة بيع ما اشتري قبل قبضه من غير الطعام فلم ير ببيعه لذلك قبل قبضه إياه بأسا حتي حدثه زيد بن ثابت بما حدثه به فعلم أنه كالطعام المأكول المشترى لا كالأشياء المبيعة سوى ذلك فانتهى إلى ما حدثه زيد فيه.

ومنه ما روي عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان فيكون لصاحبه الزيادة وعليه النقصان لم نجد في هذا سوى أن من ابتاع طعاما كيلا لم يحل له ذلك البيع حتى يكتاله على بائعه منه وقد كان البائع له منه إذ اشتراه قد اكتاله على من باعه منه قبل بيعه إياه هذا البيع الثاني فيكون البيع لا يحل لهذا المبتاع الثاني فيما ابتاعه من البائع الذي كان قد ابتاعه أيضا كيلا إلا بعد أن يتقدمه الاكتيالان جميعا وذكر ذلك بالصاع الذي يكال به الطعام وخرج الحديث على من باع طعاما كيلا قد ابتاعه كيلا لأنهم كانوا تجارا يشترون ويبيعون فيكون للمبتاع الأول إذا كاله على المبتاع الثاني ما كان بين الكيلين من الزيادة والنقصان وفي ذلك ما يدل على أن ما يجر بين الناس مما يستعملون فيه الكيل قد يقع بينهم فيه الاختلاف فيزيد بعضهم فيه على بعض وينقص منه عما كان غيرهم يتجاوز فيه وإن كان ذلك لا يمنع من استعماله إذ كان رأيا كما يستعمل الآراء في الحوادث من أمور الدين مما لا توقيف فيها ولا يمنع من ذلك وقوع الاختلاف بين أهلها وما قيل تثنية الصاع في قوله حتى يجري فيه الصاعان من باب التأكيد والمراد به النهي عن بيع الطعام المشتري كيلا قبل أن يستوفى بالكيل الذي يدل عليه جرى الصاع فيه مثله في قوله تعالى: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} وفي قول الحجاج يا حرسي أضربا عنقه تأويل فاسد لأنه روى مفسرا بصاع البائع وصاع المشتري قوله فيكون لصاحبه ازيادة وعله النقصان لأنه إذا ابتاع الطعام فكاله قبل أن يبيعه كان له زيادة الكيل ونقصانه أن باعه كيلا فاكتاله المبتاع عليه ولو اشترى

<<  <  ج: ص:  >  >>