إليه الشافعي ولا حجة له في ذلك لأن العرب قد تسمى الشيء باسم ما قرب منه كما حكى المزني عنه في تأويل قوله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} الآية إن العرب تقول دخل فلان بلد كذا لقربه منها ولقصده إلى دخولها وإن لم يكن في الحقيقة دخلها وإذا كان ذلك كذلك احتمل الحديث مثله والله أعلم وقد روي عن عبد الله بن عمر أنه قال: ما أدركت الصفقة حيا فهو من المبتاع ولا يكون منه إلا ما قد وقع ملكه بالصفقة عليه فيحتمل أن يكون التفرق الذي حكى نافع عنه استعماله إياه إنما كان يستعمله احتياطا من قول غيره لاحتمال الحديث له مخافة أن يلحقه فيه من غيره خلاف ما يريده في بيعه كمثل الذي لحقه في البيع الذي باعه بالبراءة من عيوبه فحكم عليه عثمان بخلاف ما كان يراه في ذلك وروي أيضا نافع عن ابن عمر بغير هذه الألفاظ من ذلك قوله: "كل بيعين بالخيار ما لم يتفرقا أو يكون بيع خيرا" وقوله: "كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا أو يكون خيارا".
وقوله:"المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا" إلا أن يكون البيع كان عن خيار فإن كان البيع عن خير فقد وجب البيع وقوله: "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" أو يقول أحدهما لصاحبه اختر وربما قال أو يكون بيع خيار.
وذلك كله سواء معناه معنى الحديثين المذكورين أولا غير أن فيه أو يقول أحدهما لصاحبه اختر فإنه يحتمل أن يكون ذلك على قول يقوله بعد البيع فيكون قد أوجب به خيارا لم يكن له قبله ويحتمل أن يكون على خيار يشترطان في البيع لأحدهما وهذا أولى لأنه يرجع إلى إيجاب ما لم يكن للمقول له قبل ذلك ويؤيده رواية الليث عنه عن ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم:"إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا" وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع فدل هذا على أن معنى قوله: أو يخير أحدهما الآخر إنما هو على تخيير يتعاقد متبايعان البيع عليه على ما في الحديث لأعلى ما سوى