أتى الزبير فقال: أني ابتعت بيعا وإن عليا يريد أن يحجر علي فقال الزبير: فأنا شريكك في البيع فأتى على عثمان فسأله أن يحجر على عبد الله بن جعفر فقال الزبير: أنا شريكك في هذا البيع فقال عثمان: كيف أحجر على رجل شاركه الزبير في بيعه ففيه أنه لو لم يشاركه الزبير لحجر عليه وكان ذلك بمحضر من الصحابة فلم ينكر ذلك أحد فدل على متابعتهم إياه عليه وروى عن ابن عباس أنه كتب إلى نجدة جوابا لسؤاله متى ينقضي يتم اليتيم لعمري أن الرجل لتنبت لحيته وأنه لضعيف الأخذ لنفسه ضعيف الإعطاء منها فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد انقطع اليتم عنه وروى عن ابن شهاب عن عروة أن عائشة بلغها أن ابن الزبير بلغه أنها تبيع بعض عقاراتها فقال: لتنتهين أو لأحجرن عليها فقالت لله على ألا أكلمه أبدا ففي هذا من ابن الزبير وترك عائشة الإنكار بأن تقول وكيف يكون أحد محجورا عليه أن يفعل في ما له مثل الذي بلغ ابن الزبير أني أفعله دليل على جواز الحجر وقد احتج من ذهب إلى نفي الحجر بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} ثم قال: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً} فذكر المداينة أولا ثم ذكر آخرا أنه قد يكون سفيها أو ضعيفا فدل ذلك على جواز بيعه في حال سفهه والجواب أن السفه قد يكون في تضييع المال وقد يكون فيما لا تضييع معه للمال يقال: سفه فلان في دينه {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} قال أبو عبيد: سفه نفسه أهلكها وأوبقها وقد يكون حاز ما في ماله ضابطا له من غير صلاح في دينه قال الكسائي: السفيه الذي يعرف الحق وينحرف عنه عنادا قال تعالى: {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ} لأنهم عرفوا الحق وعندوا عنه فالسفه في الآية ليس على سفه الفساد في المال بل على ما سواه من وجوه السفه واحتج الشافعي في إثبات الحجر بهذه الآية أيضا استدلالا بقوله: {فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} وليس بصحيح لأن ما في أول الآية من مداينة من وصف في آخرها بالسفه يدفع ما قال والمراد