من نطفته ويجوز لمن يقع في قلبه مثل ذلك أن يسر به وإن لم يكن مع ذلك وجوب حكم ولا قضاء وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث في طلب العرنيين جماعة وقائفا يقتص آثارهم فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وبالإجماع لا يحكم بقول القائف في قفوا الآثار فكذا في إلحاق النسب.
فإن قيل: أن عمر بن الخطاب قضى بقول القائف بحضرة الصحابة من غير إنكار عليه على ما روى ابن عمر أن رجلين اشتركا في طهر امرأة فولدت فدعا عمر القافة فقالوا: أخذ الشبه منهما جميعا وجعله بينهما، وعن ابن المسيب أن رجلين اشتركا في طهر امرأة فولدت لهما فارتفعا إلى عمر بن الخطاب فدعا لهما ثلاثة من القافة فدعا بتراب فوطئ فيه الرجلان والغلام ثم قال لأحدهم: انظر فنظر فاستقبل واستعرض واستدبر ثم قال: أسر أم أعلن فقال عمر: بل أسر فقال: لقد أخذ الشبه منهما فما أدرى لأيهما هو فأجلسه١ ثم أمر الثالث فنظر كذلك وقال مثل ذلك وكان عمر قائفا فجعله لهما يرثانه ويرثهما فقال سعيد: أتدري من عصبته قلت: لا قال: الباقي منهما.
فالجواب أن عمر ما قضى بقول القافه لأنهم لم يعلموا لأيهما فجعل عمر الولد منهما مخالف لقول إلقافه ولكنه قضى به لمدعييه لكونه في يدهما ومع هذا فالمحتج بحديثي عمر لا يجعل الولد ابن رجلين كما جعله عمر فالحديث عليه لا له.
فإن قيل: قد روى عبد الرحمن بن حاطب أنه أتى رجلان إلى عمر بن الخطاب في غلام من ولادة الجاهلية يدعى كل منهما أنه ابنه فدعا عمر لهما قائفا من بني المصطلق فسأله عن الغلام فنظر إليه وقال لعمر: والذي أكرمك أني لأجدهما قد اشتركا فية فقام إليه عمر يضربه بالدرة حتى أصبح ثم قال: والله لقد ذهب بك النظر إلى غير مذهب ثم دعا أم الغلام فسألها فقالت: أن هذا لأحد الرجلين ثم أن هذا الآخر وقع بي فوالله ما أدري من أيهما هو فقال عمر للغلام: اتبع أيهما شئت فاتبع أحدهما