للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجواب أن ما في حديث ابن عمر وابن المسيب في صبى يعبر عن نفسه فرد الأمر في ذلك إلى ما يقوله الغلام المدعي فيه وهكذا نقول في الذي يعبر عن نفسه والذي لا يعبر عن نفسه فكنا نحن المتمسكين بما روى عن عمر في الأخبار كلها وعادت الحجة عليه لنا ولو كان الحكم عند عمر بقول القافة لكان أولى من إقرار الولد بأحد مدعييه كولدا دعاه رجلان فصدق الولد أحدهما وأقام الآخر البينة أنه ابنه كانت البينة أولى من إقرار الولد اتفاقا ومن الدليل على أن مذهب عمر رضي الله عنه عدم الحكم بقول القافة في نسب ولا غيره ما روى أنه أرسل إلى شيخ من بني زهرة فسأله عن ولاد الجاهلية قال: كانت المرأة إذا فارقها زوجها بموت أو طلاق نكحت بغير عدة فقال الرجل: أما النطفة فمن فلان وأما الولد فعلى فراش فلان فقال عمر: صدقت ولكن قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالولد للفراش فما التفت عمر إلى قول المسؤول ورد الحكم إلى ما يخالفه ومما يؤكده أن المسلمين لم يختلفوا فيمن نفى ولد زوجته وقالت: هو منه أنه يلاعن بينهما وينفي منه ولو جاءت أمه بجماعة القافة يصدقونها لا ينفعها والولد منفى على حاله وإنما كان اعتبار قول القافة في الجاهلية وألغي قولهم إلى ما عليه أهل الإسلام روى عن عائشة أن نكاح الجاهلية كان على أربعة أنحاء نكاح كمثل الأنكحة في شرعنا ونكاح كان يقول الزوج: إذا طهرت من الحيض أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتز لها زوجها حتى يتبين حملها منه رغبة في نجابة الولد ونكاح يجتمع الرهط دون العشرة على إصابتها فإذا حملت ووضعت أرسلت إليهم فلا يستطيع أحد يمتنع فيجتمعون عندها فتقول لهم: قد ولدت منك يا فلان فتعين من أجبت منهم فتلحق به ولدها البتة ونكاح يجتمع جماعة فيدخلون على المرأة فلا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا فإذا حملت ووضعت دعوا لها القافة فألحقوا ولدها بالذي يرون منه لا يمتنع من ذلك فلما ظهر الإسلام هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح أهل الإسلام اليوم فانتفى قول القافة ورد أحكام الأنساب إلى الفراش وأهل العلم مختلفون فيه فأما

<<  <  ج: ص:  >  >>