في كثير من أهل الحجاز والذي صححنا عليه حديث ابن عمر على ما ذكرناه أولى وأما ذكر الولاء في حديث ابن عمر للمعتق إذا كان موسر أو لمن يسعى له فإن جميع من ذكرنا يأبى ذلك ويجعله لمن أعتقه خاصة غير أبي حنيفة فإنه يجعله بينهما والدليل يساعد قول مخالفيه لأن العبد يعتق بإعتاق مالكه إياه لا بالسعاية لا سيما وحديث ابن عمر يدل على أنه حر بعتاق من أعتقه من مالكيه فانتفى عنه الرق ولم يقع عليه عتاق بعد ذلك ومن قال: أنه يبقى نصيب من لم يعتق رقيقا إذا كان المعتق معسرا يكون له ما يكتسبه في يوم من أيامه لنفسه بحق العتاق الذي ناله ويكون ما يكتسبه في يوم سواه لمن يملك بقيته وهذا غير معقول لأن العبد في اليوم الذي يعمل لنفسه إنما يعمل بكليته مما بعضه مملوك وبعضه ليس كذلك فوجب أن لا ينفرد شيء بكسبه دون من له فيه الرق ألا ترى أنه لو جنى عليه جناية في الأيام التي يعمل فيها لنفسه لم ينفرد بارش ذلك ولو كانت أمة فتزوجت في أيامها لم تنفرد بصداقها وقد كان ابن أبي ليلى وابن شبرمة يقولان جميعا في العبد الذي يعتق نصيبه منه صاحبه وهو معسر: أنه يسعى في قيمة أنصباء الذين لم يعتقوه ويرجع بما يسعى على المعتق وفيما روينا ما يدفع ذلك إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الضمان على المعتق إذا كان له مال يبلغ قيمة أنصباء شركائه لا غير وليس لأحد أن يتعدى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء إلى ما لم يرو عنه وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من أعتق نصيبا أو شركا له في مملوك فعليه خلاصة كله في ما له فإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه" وفيه إيجاب ما صححنا عليه حديث ابن عمر قبل هذا ومن روى هذا الحديث فلم يذكر فيه السعاية فقد قصر في الحفظ وكان من حفظ شيئا أولى ممن قصر عنه.