عزمة من عزمات ربنا ومن ذلك ما روى عنه في حريسة الجبل أن فيها غرامة مثلها.
ومن ذلك ما روى فيمن وقع على جارية امرأته مستكرها لها أو غير مستكره لها كما ذكرنا في موضعه من هذا الكتاب وإذا أوجب نسخ ذلك كان مثله أيضا العقوبات في الأموال بالمثلات وغيرها ثم رجعنا إلى ما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدخل في هذا الباب فوجدنا من ذلك ما روى عن عمر بن الحكم أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إن لي جارية كانت ترعى غنما لي فجاء ذئب فعقر شاة من الغنم فسألتها عنها فقالت: أكلها الذئب فأسفت عليها وكنت من بني آدم فلطمت وجهها وعلي رقبة أفأعتقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين الله"؟ فقالت: في السماء قال: "من أنا"؟ قالت: أنت رسول الله قال: "اعتقها".
وفي حديث آخر مكان فلطمت وجهها فصككتها صكة ولا يخالف ذلك ما في الحديث الأول لأن اللطمة قد تسمى صكة ومنه قوله عز وجل:{فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} فلما كانت اللطمة قد يكون عنها الشين بالوجه الذي قد يكون تمثيلا بالملطوم وترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الكشف عن ذلك عقلنا به أن تمثيله لا يوجب عتاقها عليه يقول ذلك من يقوله ممن ذكرناه وعن محمد بن المنكدر قال: حدثنا أبو شعبة قال: لطم رجل وجه خادم له عند سويد بن مقرن فقال له سويد: ألم تعلم أن الصورة محرمة لقد رأيتني وأنا سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا إلا خادم واحد فلطم أحدنا وجهه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعتقه وفي أمره صلى الله عليه وسلم إياه بالأعتاق دليل على أنه ما عتق باللطمة التي فيها أحداث المثلة في وجهه وفيه نظر لأن الغالب أن اللطمة لا تكون عنها مثلة ومما يدل على انتفاء العتق ما روى أن ابن عمر أعتق مملوكا له فأخذ عودا من الأرض وقال: مالي فيه من الأجر ما يساوي هذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من لطم مملوكه أو ضربه حدا لم يأته فكفارته