قال فخلى سبيله وكا مكتوفا بنسعته وذلك لأن البينة قامت على قتل أخيه بفعل ظاهره العمد والمدعى عليه كان أعلم بنفسه أنه غير عامد فقوله صلى الله عليه وسلم:"كنت مثله" يعني أنه في الظاهر من أهل النار فإن كان صادقا في عدم القصد فقتلته كنت أيضا من أهل النار وروى بزيادة أما أنك إن عفوت عنه فإنه يبوء بإثمك وإثم صاحبك وقيل تأويله إن قتلته فأنت مثله في أنه لا إثم ولا حرج على واحد منكما لأنك فعلت في القصاص مالك إن تفعله والقاتل إن أراد القتل كفارة له فيرتفع عنه الإثم والحرج أيضا وقال ابن قتيبة: أنك إن قتلته كنت مثله أي في أنك قاتل كما أنه قاتل لا في أنك آثم كما أنه آثم والوجه في ذلك أنه أراد منه العفو فعرض له بهذا القول ليعفو إذا سمعه وقيل إذا قتله ذهب أجره باستيفاء حقه وذهب الوزر عن المقتص منه بالقصاص على ما ورد أن الحدود كفارة لأهلها فتماثلا بأن لا أجر لهما ولا وزر عليهما والله أعلم وأما ما روي أنه لما أدبر به ليقتله قال صلى الله عليه وسلم: "القاتل والمقتول في النار" فلا وجه له يصح به لأن القاتل إن كان عامدا فالقصاص واجب لوليه فكيف يكون في النار وإن كان القاتل غير عامد فكيف يكون من أهل النار وهو لم يتعمد وإنما جاء الغلط من فهم أحد رواته لأنه ظن أن قوله: "إن قتله كان مثله" في أنه من أهل النار فجاء بالحديث على المعني ولهذا لم يجز أكثر العلماء سياقة الحديث بالمعنى.