عليه غرمها ولم يدفع أن يكون قد تقدم قضاؤه بها على من قضى بها عليه ويحتمل أن يكون أداؤه لذلك من إبل الصدقة لا غرما عن اليهود لأنهم ليسوا من أهل الصدقة وفي ذلك ما قد دل على أن من غرم عن رجل دينا كان عليه لمن هو له لم يملك الذي كان عليه الدين شيئا مما غرمه عنه وهكذا كان يقول محمد فيمن تزوج إمرأة على مائة فأدى إليها رجل عنه تلك المائة ثم طلقها قبل الدخول فالنصف مردود إلى المؤدي لا إلى الزوج وهو الحق لأن الدراهم خرجت من ملك المؤدي إلى الزوجة لا إلى ملك الزوج خلافا لما قاله مالك فيمن أدى عن رجل دينا بغير أمره إلى من هو له أنه يرجع بذلك على المديون لأنه ملكه بأدائه إياه عنه وقد علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدفع من إبل الصدقة ما دفع ليرجع إليه مثله وما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلي على من ترك دينا لم يترك له وفاء وإن ابا قتادة لما ضمن عن المتوفى الدين صلى عليه دليل على ما قلنا وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلا على أبواب خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اقم شاهدين على قتله ادفعه إليك برمته" فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أين أصيب شاهدين وإنما أصبح قتيلا على أبوابهم قال: "فتحلف خمسين يمينا" قال: يا رسول الله وكيف أحلف على ما لا أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فتستحلف منهم خمسين" فقال: يا رسول الله وكيف تستحلفهم وهم كفار وهم مشركون فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ديته عليهم وأعانهم بنصفها ففيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم ديته على اليهود بغير حلف كان في الدعوى عليهم وفي ذلك ما قد دل على أن الدية لزمتهم بوجود القتيل بين أظهرهم وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاونهم بنصف الدية وذلك عندما كان منه عونا للأنصار لا عن اليهود لأن الذي غرمه في ذلك إنما كان من الأموال التي تحل لليهود١.