إنا وجدنا عبد الله بن سهل قتيلا في قليب من قلب خيبر وذكر عداوة يهود لهم قال:"أفتبرئك يهود بخمسين يمينا أنهم لم يقتلوه" قال: كيف نرضى بإيمانهم وهم مشركون قال: "فيقسم منكم خمسون أنهم قتلوه" قالوا: كيف نقسم على ما لم نره فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده.
فيه تبدئة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود في الإيمان وهذا خلاف ما في حديث مالك وهو أن يبدأ فيها أولياء الدم وهذا أولى لجلالة رواته وأكد ذلك ما رويناه من قضاء عمر على الحارث بن الأزمع وقومه مما لا يسع خلافه وقد وهم أبو يوسف في احتجاجه بهذا الحديث على أبي حنيفة في أن القسامة والدية إنما تكون على مالكي الموضع الذي وجد القتيل فيه لا على سكانه فقال بهذا الحديث أقول: إذا كانت دار لها سكان لا يملكونها ولها ما لكون بعداء عنها فالقسامة والدية على سكانها لأن خيبر كانت للمسلمين وكان اليهود عمالهم فيها لأنها كانت يومئذ صلحا وقد شد ذلك ما في حديث سهل أما أن يدوا صاحبكم وإما أن يأذنوا بحرب من الله وروى بعض الرواة في حديث سهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: "أتحلفون خمسين يمينا وتستحقون دم قتيلكم أو صاحبكم" فيه أن الدم يستحق بالقسامة ولكن لمخالفيه أن هذا الحديث روي بالشك بأن ما يستحقونه هو الدية والقود والله أعلم غير أن في حديث مالك عن أبي ليلى عن سهل قال: "أما أن يدوا صاحبكم وأما أن يأذنوا بحرب" فالواجب أن يرد الحديث الذي وقع فيه الشك إلى الحديث الذي لا يشك فيه وفيما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل دية الأنصاري الذي قتل بخيبر على اليهود لأنه وجد بين ظهرهم وفيما روي عنه أنه أداها من عنده.
وروي أنه ودى القتيل من ابل الصدقة يحتمل أن يكون قول من قال: أنه وداه من عنده أي مما يده عليه وإن لم يكن ملكا له دفعا للتضاد ويحتمل أن يكون غرمها من عنده وقد جعلها على غيره فغرمها من حيث لا يجب