وأما القتيل الموجود في موضع لا أهل له ولا يعلم من قتله فيه الدية لا غير وهكذا كان أبو حنيفة وأصحابه يقولون فيه وقد شد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار في اليهود:"أما أن يدوا صاحبكم وأما أن يؤذنوا بحرب من الله" قبل أن يكون من الأنصار في ذلك قسامة إذ لا يكون إيذانهم بحرب إلا في منع واجب عليهم وما في حديث أبي سلمة وسليمان من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استحقوا" فقالوا: أنحلف على الغيب يحتمل أن يكون أراد به استحقوا ببينة تقيمونها على قتل صاحبكم بعينه فنقتله لكم به وما في حديث أبي ليلى من قر له صلى الله عليه وسلم للأنصار: "أتحلفون" لا يدل على أنهم لا يستحقون ما ادعوه إلا بعد إيمانهم إذ قدم ما دل على وجوب الدية لهم بمجرد وجود القتيل بينهم وقد أنكر عبد الرحمن ابن بجيد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال: احلفوا على ما لا علم لكم به ولكنه كتب إلى يهود خيبر حين كلمته الأنصار أنه قد وجد قتيل بين أبياتكم فدوه فكتبوا إليه يحلفون بالله ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا فوداه صلى الله عليه وسلم من عنده وهذا هو الأولى من أن يأمر أحدا بالحلف على ما لا علم له به ولأن ابن بجيد من قوم المقتول فهو أعنى بالأمر ممن ليس منهم والحق أن قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار: "أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم" ليس بأمر لهم بالحلف على مالا يعلمون بل قال ذلك على التقرير لهم أن ذلك لا يصح كما قال الله تعالى: {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ويحتمل أنه صرف الأمر إليهم ليحلفوا على ذلك أن تيقنوه وعلموه بما قد يقع لهم به العلم من الأسباب الموجبة له من غير المشاهدة أو يترفعوا عنه إن لم يتحققوا فترفعوا عن الإيمان إذ لم يكن عندهم علم بدعواهم إلا غالب ظنهم وعن سهل بن أبي حثمة قال: وجد عبد الله بن سهل قتيلا في قليب من قلب خيبر فجاء أخوه عبد الرحمن بن سهل وعماه حويصة ومحيصة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب محيصة ليتكلم فقال صلى الله عليه وسلم: "الكبر الكبر" فتكلم أحد عميه الكبير منهما قال: يا رسول الله