للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن مسعود جلوسا فبلغه خبر الإقامة فقام وقمنا فدخلنا المسجد والناس في الركوع فكبر وركع ومشى وفعلنا مثل ما فعل فيحتمل أن زيد فعل ما فعل وقد كان معه غيره فكان بذلك جماعة ويجب الحمل على هذا رفعا للخلاف بين فعل زيد وبين ما روى من النهي بقوله لا تعد ولا يعارض قوله أيكم الذي ركع دون الصف ما روى عن أنس قال أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أقيمت الصلاة قبل أن يكبر فقال: "أقيموا صفوفكم وتراصوا إني لأراكم من وراء ظهري" ولا ما روى عنه أنه جاء رجل بعد قيام الرسول صلى الله عليه وسلم فأسرع المشي فانتهى إلى الصف وقد حفزه النفس فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فراغه منها: "من المتكلم؟ " أو من القائل المكلمات فسكت القوم فقال مثلها قال: "من هو فإنه لم يقل بأسا" أو قال إلا خيرا فقال الرجل جئت يا رسول الله فأسرعت المشي فانتهيت إلى الصف وقد حفزني النفس فقلت الذي قلت قال لقد رأيت اثنى عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها ثم قال: "إذا جاء أحدكم الصلاة فليمش على هينته فليصل ما أدركه وليقض ما سبقه" وإن كان فيه استعلام من الغير ما كان خلفه لأن الرؤية قد تكون بالعلم كما تكون بالعين قال تعالى: {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} أي علمتموه لأن الموت لا يعاين بالعين وقوله تعالى: حكاية عن شعيب {إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ} أي أعلمكم لأنه كان أعمى فمثله قوله صلى الله عليه وسلم: "إني لأراكم من وراء ظهري أعلم ما أنتم عليه في صلاتكم من خشوعكم فيها بما يلقيه الله تعالى في قلبه من ذلك ويعلمه به" فلا معارضة في شيء من ذلك والحمد لله.

قلت وفيه نظر لأن التعارض لا يندفع حينئذ للزومه بين قوله: "أيكم الذي ركع" وبين قوله: "إني لأعلم من وراء ظهري" إذا استعلام المعلوم محال كاستعلام المرئي أيضا ولا يندفع بما يقال قد لا يعلم إذا لم يعلمه الله تعالى ويكون عاما مخصوصا أي أعلم من وراء ظهري إلا في حال عدم إعلام الله تعالى لي لحكمة أرادها لأن الكلام سيق لتنبيه المخاطبين على لزوم الأدب فلو لم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>