عليه الجهاد والقتال إلى أن يردهم إلى دينه الذي بعثه الله به وأمره١ أن يقاتل الناس عليه كافة والأول أبين معنى وهذا صحيح أيضا عن ابن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كيف بكم وبزمان -أو قال- يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة ويبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فصاروا هكذا" وشبك بين أصابعه قالوا: وكيف بنا يا رسول الله؟ قال:"تأخذون بما تعرفون وتذرون ما تنكرون وتقبلون على أمر خاصتكم وتذرون أمر عامتكم".
وعن العرباض قال: وعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ورغبهم وحذرهم وقال: "ما شاء الله أن يقول" ثم قال: "اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأطيعوا من ولاه الله أمركم ولا تنازعوا الأمر أهله ولو كان عبد أسود وعليكم ما تعرفون من سنة نبيكم والخلفاء الراشدين وعضوا على نواجذكم بالحق"، وفي حديث آخر:"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ" ففي هذه الآثار تسديد ما في الآثار التي قبلها وتصديقه وأعلام بأن الأزمنة تختلف وتتباين وإن كل زمان منها له حكمه الذي قد بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وأعلمهم إياه وعلمهم ما يعملون به فيه فعلى الناس التمسك بذلك ووضع كل أمر موضعه الذي أمر أن يضعه فيه وإن لا يخرجوا عن ذلك إلى ما سواه.
وعن ابن عباس كان تميم الداري وعدي بن بداء يختلفان إلى مكة للتجارة فخرج رجل من بني سهم فتوفي في أرض ليس فيها مسلم فأوصى إليهما ودفعا تركته إلى أهله وحبسا جاما من فضة مخوص بذهب فاستحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كتمنا ولا اطلعنا ثم عرف الجام بمكة فقالوا: اشتريناه من عدي وتميم فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله إن هذا لجام السهمي ولشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين وأخذا الجام وفيهم
١ في مشكل الآثار ٢/٦٧ "عن عبد الله بن عمرو بن العاص".