للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلة العلم، وحملوا على أنفسهم -التي ليست لهم، وعن غير إذن الآمر- ما لم يجز! حتى إن أحدهم يرى أن فعل ما يؤذي النفس على الإطلاق فضيلة!! وحتى قال بعض الحمقى: دخلت الحمام فوجدت غفلة، فآليت ألا أخرج حتى أسبح كذا وكذا تسبيحة، فطال الأمر، فمرضت!! وهذا رجل خاطر بنفسه في فعل ما ليس له.

٧٣٢- ومن المتصوفة والزهاد من قنع بصورة اللباس، وركب من الجهل في الباطن ما لا يسعه كتاب!! طهر الله الأرض منهم، وأعان العلماء عليهم، فإن أكثر الحمقى معهم؛ فلو أنكر عالم على أحدهم، مال العوام على العالم بقوة الجهل.

٧٣٣- ولقد رأيت كثيرًا من المتعبدين -وهو في مقام العجائز- يسبح تسبيحات لا يجوز النطق بها، ويفعل في صلاته ما لم ترد به السنة!

٧٣٤- ولقد دخلت يومًا على بعض من كان يتعبد، وقد أقام إمامًا، وهو خلفه في جماعة يصلي بهم صلاة الضحى، ويجهر! فقلت لهم: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة النهار عجماء"١! فغضب ذلك الزاهد، وقال: كم ينكر هذا علينا! وقد دخل فلان وأنكر، وفلان وأنكر، نحن نرفع أصواتنا حتى لا ننام. فقلت: وا عجبًا! ومن قال لكم: لا تناموا؟! أليس "في الصحيحين" من حديث ابن عمرو: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "قم ونم"؟! وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام، ولعله ما مضت عليه ليلة إلا ونام فيها!!

٧٣٥- ولقد شاهدت رجلًا كان يقال له حسين القزويني بجامع المنصور، وهو يمشي في الجامع مشيًا كثيرًا دائمًا، فسألت: ما السبب في هذا المشي؟! فقيل لي: حتى لا ينام!

٧٣٦- وهذه كلها حماقات أوجبتها قلة العلم؛ لأنه إذا لم تأخذ النفس حظها من النوم، اختلط العقل، وفات المراد من التعبد، لبعد الفهم.


١ رواه ابن أبي شيبة "٣٦٦٤ و ٣٦٦٥" موقوفًا على الحسن وأبو عبيدة، قال النووي في شرح المهذب: إنه باطل لا أصل له. "والعجماء" التي لا تنطق، أي: أن الصلاة سرية لا يجهر بالقراءة فيها.

<<  <   >  >>