للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة:

أن الله سبحانه وتعالى أباح التيمم للمريض مطلقًا من غير فصل بين مرض ومرض، إلا أن المرض الذي لا يضر منه استعمال الماء ليس بمراد، فبقي المرض الذي يضر معه استعمال الماء مرادًا بالنص (١).

واستدلوا أيضًا بأدلة من قال بجواز التيمم في المرض الشديد الذي يخاف معه من استعمال الماء الموت أو التلف، وقد تقدمت (٢).

أدلة القول الثاني:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ .. } الآية [النساء: ٤٣، المائدة: ٦].

وجه الدلالة:

أن الضمير في قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} يعود على المريض والمسافر معًا، فالآية قيدت إباحة التيمم للمريض بعدم وجود الماء، وهذا واجد للماء، فلا يجوز له التيمم (٣).

المناقشة:

نوقش بأنه استدلال لا يصح؛ لأن من لم يجد الماء فالتيمم له جائز لعدمه الماء لا لأجل المرض، وإنما خص المريض بالذكر ليُخص بالحكم، فيكون بمرضه في جواز التيمم مخالفًا للصحيح، سواء وجد الماء أو عدمه، وإلا فهو داخل في جملة المحدثين إذا عدموا الماء مسافرين وغيرهم (٤).

وعلى فرض التسليم بأن الضمير في الآية يعود على المريض والمسافر معًا، فإن معنى عدم الوجود في الآية هو عدم الماء حسًا أو حكمًا، والمريض وإن كان واجدًا للماء صورة إلا أنه لما لم يتمكن من استعماله خشية الضرر صار الماء معدومًا حكمًا، فجاز له التيمم.

ثانيًا: من المعقول:

أن المريض الذي لا يخاف التلف من استعمال الماء لا يجوز له أن يتيمم كالذي به صداع أو حمى (٥).


(١) بدائع الصنائع (١/ ٣١٨، ٣١٩).
(٢) انظر: (ص ١٢٤ ـ ١٢٩).
(٣) المهذب (١/ ١٣٤)، بداية المجتهد (١/ ١٣١).
(٤) عيون الأدلة (ص ٩٥٧).
(٥) الحاوي (٢/ ١٠٧٦).

<<  <   >  >>