للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خاصرتي فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم (١)

فتيمموا، فقال أسيد


(١) ذهب بعض أهل العلم إلى أن الآية المعنية ـ في قول عائشة: «فأنزل الله آية التيمم» ـ هي آية النساء، وممن ذهب إلى هذا القول القرطبي وابن كثير في تفسيرهما، وأورد الواحدي في أسباب النزول هذا الحديث عند ذكر آية النساء أيضًا.
واستدلوا: بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء، وآية النساء لا ذكر فيها للوضوء فيتجه تخصيصها بآية التيمم. انظر: أسباب نزول القرآن للواحدي (ص ٢٨٩)، ط: دار الميمان ١٤٢٦ هـ، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ٢٢٤)، ط: دار الكتاب العربي ١٤١٨ هـ، تفسير القرآن العظيم لابن كثير (١/ ٧٩٩)، ط: دار إحياء التراث العربي ١٤٠٥ هـ.
وذهب بعض أهل العلم إلى أن الآية المعنية هي آية المائدة، وممن ذهب إلى هذا القول ابن العربي وابن عطية في تفسيرهما ورجحه ابن حجر في الفتح. انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٤٤٢)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز (٢/ ١٦٠)، ط: دار الكتب العلمية ١٤١٣ هـ، فتح الباري (١/ ٥١٧).

واستدلوا: بما رواه البخاري في صحيحه من رواية عمرو بن الحارث ـ في كتاب التفسير في سورة المائدة ـ وفيها: «فنزلت {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} الآية». صحيح البخاري (٤/ ١٦٨٤) حديث (٤٣٣٢).
قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ في الرد على دليل القول الأول: «وخفي على الجميع ما ظهر للبخاري من أن المراد بها آية المائدة بغير تردد، لرواية عمرو بن الحارث .. » فتح الباري (١/ ٥١٧).
ويمكن مناقشة دليل القول الثاني بأن البخاري ـ رحمه الله ـ ساق حديث عائشة رضي الله عنها من طريق آخر، في كتاب التفسير، في سورة النساء، باب: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}، وهذه الرواية تشعر بأن آية التيمم هي آية النساء. انظر: صحيح البخاري مع الفتح (٨/ ١٠٠).
قلت: والذي يترجح لي ـ والله أعلم ـ أن كلا الآيتين تسمى آية التيمم، وذلك لما يلي:
١ ـ أن البخاري ـ رحمه الله ـ ساق حديث عائشة رضي الله عنها في كتاب التفسير، في سورة النساء، وساق الحديث أيضًا من طريق آخر في كتاب التفسير، في سورة المائدة، باب فلم تجدوا ماء فتيمموا، فكأن البخاري أراد أن يبين أن الآيتين تحتمل كل واحدة منهما آية التيمم.
٢ ـ أن التيمم لم يذكر في القرآن الكريم إلا في آيتين، الآية التي في سورة النساء، والآية التي في سورة المائدة، والسورتان مدنيتان، وقد تطابقت عبارة الآيتين في تقرير حكم التيمم تطابقًا كاملاً، وإن زادت آية المائدة بكلمة {مِنْهُ}، فهل بعد ذلك نقول: إن آية التيمم هي إحدى الآيتين والآية الأخرى ليست بآية التيمم؟!
فلا يمكن تخصيص إحدى الآيتين بآية التيمم إلا بدليل صريح يدل على ذلك، ولهذا تردد ابن عبد البر ـ رحمه الله ـ في المراد من الآيتين حيث قال: «فأنزل الله آية التيمم» وهي آية الوضوء المذكورة في تفسير المائدة، أو الآية التي في سورة النساء، ليس التيمم مذكورًا في غير هاتين الآيتين». الاستذكار (٣/ ١٥٥)، ط: دار قتيبة ودار الوعي ١٤١٣ هـ.
٣ ـ أنه بهذا القول يمكن الجمع بين القولين والتوفيق بينهما، وهذا أولى من ترجيح أحد القولين على الآخر.

<<  <   >  >>