للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أدلة القول الأول:

استدل القائلون بعدم طهارة الأرض النجسة بالشمس أو الريح، بما يلي:

أولاً: من السنة:

حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام أعرابي فبال في المسجد، فقام إليه الناس ليقعوا به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دعوه وأريقوا على بوله سجْلاً (١) من ماء، أو ذنوبًا من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» (٢).

وجه الدلالة:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتطهير الأرض بالماء، والأمر يقتضي الوجوب (٣)، ولو كان جفافه بالشمس أو الريح ونحو ذلك مطهرًا للأرض لبين ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في معرض بيان وتعليم لأصحابه، ولما كان للتكليف في طلب الماء معنى، فدل ذلك على اختصاص الماء بالتطهير دون غيره (٤).

المناقشة:

نوقش هذا الدليل بأن المراد بالحديث يحمل على أحد الاحتمالات التالية:

الاحتمال الأول: أن المقصود بالحديث تعجيل تطهير المسجد، إذ لو تركه حتى تطهره الشمس لتأخر تطهيره (٥)، فليس في الحديث ما يدل على حصر


(١) السجل والذنوب بمعنى واحد، وهو: الدلو العظيمة المملوءة. المصباح المنير (١/ ٢١٠، ٢٦٧).
(٢) أخرجه البخاري في كتاب الوضوء، باب صب الماء على البول في المسجد [صحيح البخاري (١/ ٨٩) حديث (٢١٧)].
(٣) المغني (٢/ ٥٠٣).
(٤) انظر: نيل الأوطار (١/ ٥٦).
(٥) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢١/ ٤٨٠).

<<  <   >  >>