من بني مُدْلِج أَن يرجع إلى أرض الإسكندريَّة إلَّا بطلبة من السَّريّ بْن الحكَم إلى أهل الأَنْدَلُس فيهم حتى أذِنوا لهم، فرجعوا.
حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن عُمَر بْن السارح، قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الرحمن بْن أَبِي الْخَطَّاب، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، وهانئ بْن المُتوكِل، ومحمد بْن خلَّاد، عَنْ ضِمام بْن إسماعيل، عَنْ أَبِي قُبَيل، قَالَ: «إِنّي عَلَى الإِسكندريَّة من أربعين مَركبًا مسلمين وليسوا بمسلمين، تأتي على آخِر الصيف أَخْوَفُ منّي علها من الرُّوم».
قَالَ ابن أَبِي الْخَطَّاب: وحَدَّثَنِي ابن حَيْوة، قَالَ: لمَّا ذكر ضَمام هذه الأربعين مَركبًا وطال اعتناؤه بها، وذِكره إيَّاها قلتُ لَهُ: يا أَبَا إسماعيل ما هذه الأَربعون مَركبًا فِي هذا الخلق لو كانت نيرانًا تضطرم.
فقال: اسكتْ ويلك منها، وممَّن يكون فيها يكون خَراب إِسْكَنْدَريَّة وما حولها.
وبلغ الجَرَويّ ما فعله الأَندَلُسيُّون وقتلها ابن هلَّال، فسار إليهم فِي خمسين ألفًا حتى نزل عَلَى حِصْنها، فحاصرها ثمَّ أجهدهم وكاد أن يفتتحها فَخَشِيَ السَّريّ بْن الحكَم أن يفتحها ويملِكها، فبعث عمرو بْن وَهْب الخُزاعيّ إلى تِنِّيس ليخالف الجَرَويّ إلى منزِله، فبلغ ذَلكَ الجَرَويّ، فكرّ راجعًا إلى تِنّيس، وفسد ما بينه وبين السَّريّ
وقال ابن عُفَير للجَرَويّ:
أَلَا مَنْ مُبْلِغُ الجَرَويِّ عَنِّي … مُغَلْغَلَةً يُعَاتِبُ أَوْ يَلُومُ
أَقَمْتَ تُنَازِلُ الْأَبطَالَ حَتَّى … تَمَيَّزَ ذُو الْحَفِيظَةِ وَالسَّئُومُ
وَصُلْتَ بِهِمْ فَمَا وَهَنَتْ قُوَاهُمْ … وَطَيْرُ الْمَوْتِ دَائِرَةٌ تَحُومُ
ولَوْ هَجَمَتْ جُموعُكَ حِينَ حَلُّوا … عَلَيْهِمْ بَادَ جَمْعُهُمُ المُقِيمُ
وَكَيْفَ رَأَيتَ دَائِرَةَ التَّوَانِي … أَتَتْكَ بِصَحْوِ نَحْسٍ لَا يُقِيمُ
أَتَاكَ وَقَدْ أَمِنْتَ وَنَمْتَ كَيْدًا … لِصِلٍّ لَا يَنَامُ وَلَا يُنِيمُ
وكان مسير عَبْد العزيز الجَرَويّ إلى الإسكندريَّة وانصرافه عَنْهَا فِي المحرَّم سنة إحدى ومائتين، ودعا الأَنْدَلُسيُّون بها للسَريّ بْن الحكَم، ثمَّ فسد ما بين السَّريّ وآل عَبْد