للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَوْ كَانَ تَجْرِيدُ السُّيُوفِ يَرُدُّهَا … لَحَمَاهُ مِنْهَا مُنْصُلٌ وَثَمِينُ

مَا زِلْتُ أَطْمَعُ فِي رُجُوعِكَ سَالِمًا … وَيَرُوعُنِي شَفَقًا عَلَيْكَ ظُنُونِي

فَليُفْجَعَنَّ غَدًا بِقَتْلِكَ طَاهِرٌ … وَلْيفْجَعَنَّ بِقَتْلكَ الْمَأْمُونُ

وأقبل الجَرَويّ فِي مراكبه بعد قتل ميمون إلى الفُسطاط ليحرقها، فخرج إِلَيْهِ أهل المسجد وسأَلوه الكفّ، فانصرف عَنْهَا.

ثمَّ ظهر للجُند موت عليّ بْن مُوسَى العلَويّ وانخذال إبراهيم بْن المَهديّ، فأظهروا بيعة المأمون، ودعَوا إِلَيْهِ، وورد كتاب المأمون إلى السَّريّ بذلك، وبغَسْل المنابر التي دُعِي عليها لعليّ بْن مُوسَى، فغُسِلَت ثمَّ إنَّ الأَنْدَلُسيِّين أخرجوا عامل الحَرَويّ من الإسكندريَّة وهو مُعاوية بْن عَبْد الواحد بْن محمد بْن عبد الرحمن بْن مُعاوية بْن حُديج، وغلقوا الحِصن دونه، وخلعوا الجَرَويّ، ودعَوا إلى السريّ، فسار إليهم الحَرَويّ فِي شهر رمضان سنة ثلاث ومائتين، فعارضته القِبْط بسَخا، وأمدَّتهم بنو مُدْلِج وهم نحو من ثمانين ألف، فخرج إليهم الجَرَويّ، فهزمهم، وهربت بنو مُدْلِج.

قَالَ مُعلًّى الطائيّ:

فَقُلْ لِأَمِيرِ المُؤْمِنيِنَ نَصِيحَةً … وَمَا حَاضِرٌ شَيْئًا كَآخَرَ غَائِبِ

لَقَدْ حَاطَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بِسَيْفِهِ … وَلَوْلَاهُ كُنَّا بَيْنَ قِتْلٍ وَنَاهِبِ

وبعث الجَرَويّ بجيوشه إلى الإسكندريَّة فحاصروها، وعقد السَّريُّ لأخيه داود فِي ذي القعدة سنة ثلاث ومائتين عَلَى جيش إلى الصعيد بعثه إلى سَلامة بْن عَبْد الملك الطَّحاويّ، فالتقوا، فانهزم سَلامة وأُسر هُوَ وابنه إبراهيم، فبعث بهما إلى الفُسطاط، فقُتلا يوم السبت لتسع عشرة خلت من المحرَّم سنة أربع ومائتين.

قَالَ المُعلًّى الطائيّ:

أَرَادَ الطَّحَاوِيُّ الَّتي لَا شَوَى لَهَا … فَأَوْقَدَ نَارًا كَانَ بِالنَّارِ صالِيَا

ودَبَّ لِأَقْطَارِ البِلَادِ بِفِتْنَةٍ … فَجَاشَتْ بِسُقْمٍ لَا يُجِيبُ المُدَاوِيَا

وَرَاسَلَهُ مَنْ كَانَ يَحْفَى بِفَاقَةٍ … وَأَصْبَحَ ذا مَيْلٍ إِلَيْهِ مُمَاليَا

جَنَتْ مَا اسْتَحَقَّ القَتْلَ يا صَاحِ كَفُّهُ … وَكُلُّ امْرِئٍ يُجْزَى بِمَا كَانَ جَانِيَا

وأجمع السَّريّ عَلَى الغدر بوُجوه الجُند الذين معه وكان يخافهم، فجمعهم إِلَيْهِ وأخبرهم أن رسولًا قد قدِم من قِبَل طاهر بْن الْحُسَيْن وأسار عليهم أن يتلقّوه، فخرجوا فِي النيل وخرج معهم فِي مركب غير مركبهم، وهم: عَبَّاد بْن محمد، وعَوْف بْن وَهْب الخُزاعيّ، وعليّ بْن أَبِي عون، وعليّ بن إبراهيم، وأخو الرافقيّ، وحمل معهم أخاه إسماعيل

<<  <   >  >>