للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ مُعلًّى الطائيّ:

فَيَا مَنْ رَأَى جَيْشًا مَلَا الأَرْضَ فَيْضُهُ … أَطَلَّ عَلَيْهِمْ بِالْهَزِيمةِ وَاحِدُ

تَبَوَّأ دَمَنْهُورًا فَدَمَّرَ جَيْشَهُ … وَعَرَّدَ جَيْشُ اللَّيْلِ وَاللَّيْلُ رَاكِدُ

ونزل خَالِد بدَمَنْهُور ووافقه عُبَيْد بها، وسفر بينهما رِجال من الجُند، فكان يحتجّ بكتاب أمير المؤمنين المأمون ووِلايته إِيَّاه عليها.

قَالَ سَعِيد بن عُفَير:

يَا أَيُّهَا المُتحَارِبَان وَإِنَّمَا … دَعْوَاهُمَا الْمَأْمُونُ فِي الصَّدَقَاتِ

هَلْ تَرْجِعَانِ إِلَى التَّقِيَّةِ والتُّقَى … وَتُتَارِكَانِ تَغَاوُرَ الْغَارَاتِ

حَتَّى يَجِيءَ مِنَ الخَلِيفَةِ أَمْرُهُ … فَيَمِيزَ بَيْنَ الحَقِّ والشُّبُهَاتِ

ثمَّ التقَّوا صبيحة الاثنين لمُستَهلّ ربيع الآخر سنة سبع ومائتين، فاقتتلوا وأسرع القتل فِي الفريقين جميعًا، ثمَّ عدَّوا عَن الحرب، فقهقر أصحاب خَالِد إلى أرض الحَوْف، فلمَّا رأَى ذَلكَ عليّ بْن الجَرَويّ، مكر بخالد حتى أَخْرَجَهُ عَنْ عمَله، فقال لخالد: إنّي لا أَرى لك أن تُقيم فِي بلاد قَيْس وهم جُند الحَوْف، وهذا النيل قد مدّ فتصير أسيرًا فِي أَيْديهم، وقد رأَيت أن أقدّم لك سُفُنًا تجوز فيها إلى عِدَى النيل، وأُمدّك بالطَّعام والعلَف، فإذا انكشف النيل عُدَْ إلى مَوضِعك.

فأجابه خَالِد، فقدّم إِلَيْهِ عليّ بْن الجَرَويّ مراكبه، فعدَّى فيها النيل حتى صار إلى نَهْيَا، فنزل فِي رملها، وانصرف عليّ بْن الجَرَويّ وتركه بها فِي ضُرّ وجهد، قَالَ مُعَلًّى:

سَلَا خَالِدًا لَمَّا انْجَلَى عَنْهُ شَكُّهُ … وَأَسْلَمَهُ فِي عُدْوَةِ البَحْرِ خَاذِلُهُ

فَزَالَتْ أَمَانِيهِ غَدَاةَ سَمَا لَنَا … بِعَارِضِ جَيْشٍ يَمْطُرُ المَوْتَ وَابِلُهُ

فلمَّا انكشف النيل عسكرَ عُبيد بالجِيزة لعشرٍ خلونَ من شهر رمضان سنة سبع، ثمَّ سار إلى خَالِد بنَهْيَا، فحاربه، فأَسر خَالِد بْن يزيد، واستأمن عظيم جيشه ودخل بِهِ إلى الفُسطاط يوم الإثنين لخمس خلونَ من شوَّال سنة سبع.

قَالَ مُعَلًّى الطائيّ:

<<  <   >  >>