قَالَ أَبُو تَمَّام حَبيب بْن أَوس الطائيّ:
لَعَمْرِي لَقَدْ كَانَتْ بِمِصْرَ وقْعَةٌ … أَقَامَتْ عَلَى قَصْدِ الهُدَى كُلَّ مَائِل
عَلَى الخَنْدَقِ الأَقْصَى وَمَا كَانَ حَوْلَهُ … وَمَا قَدْ يَلِيهِ مِنْ فَضَاءٍ وَسَاحِلِ
رَأَى ابْنُ السَّرِيِ النَّصْرَ أَوَّلَ يَوْمِهِ … وَأَوْدَى بِلَيْثٍ مِنْ أَبِي السَّروِ بَاسِلِ
لَوَيْنَ جُموعٌ ابنِ السَّرِيِّ وَخَيْلُهُ … شَمَاطِيطَ تَتْرَى كَالنَّعَامِ الحَوَافِلِ
فَلَمَّا رَأَوْا أَنْ لَا مَحِيصَ وَأَنَّهُ … كِفَاحُ الرَّدَى فِي كُلِّ حَقٍّ وَبَاطِلِ
تَوَخَّوا أَمَانَ الأَرْيَجِيِّ ابْنِ طَاهِرٍ … فَمِنْ فَارِسٍ يَأْتِيهِ طَوْعًا وَرَاجِلِ
وقدِم أَبُو صالح التَّميميّ بأَمان عُبَيْد من قِبَل أمير المؤمنين يوم الثلاثاء لأربع بقين من المحرَّم سنة إحدى عشرة، وبتوقيع المأمون إلى ابن طاهر فِي طيّ كتابه الَّذِي كتب بِهِ ابن طاهر يسأَل فِيهِ أَمان عُبَيْد بهذه الأبيات:
أَخِي أَنْتَ مَوْلَايّ الَّذِي أَحْفَظُ نُعْمَاهُ … فَمَا تَهْوَى مِنَ الأَمْرِ فَإِنِّي سَوْفَ أَهْوَاهُ
وَمَا تَسْخَطُ مِنْ شَيءٍ فَإِنِّي لَسْتُ أَرْضَاهُ … لَكَ اللَّه عَلَى ذَاكَ لَكَ اللَّه لَكَ اللَّه.
وقام بالصُّلح محمد بْن أَسباط كاتب عُبَيْد بْن السَّريّ عَلَى الخراج واشترط لعبيد شروطًا، فكتب عبد الله بْن طاهر لعبيد كتاب أَمان، وأشهد فِيهِ شهودًا من الجُند، والفُقَهاء، وإشراف أهل مِصر، وجمعًا ممَّن يُنسَب إلى العَدالة وذلك فِي صفر سنة إحدى عشرة ومائتين، وتوجَّه عُبَيْد فِي أهل بيته عَلَى عبد الله بْن طاهر يوم الإثنين لستّ بقينَ من صفر، فخلع عَلَيْهِ ابن طاهر، وأجازه بعشرة آلاف دينار، وأمره بالخروج إلى المأمون.
حَدَّثَنِي ابن قُدَيد، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو نصر أحمد بْن عليّ بْن صالح، قَالَ: أخبرني ياسين بْن عَبْد الأحد، قَالَ: سمِعت أَبِي، يَقُولُ: لمَّا دخل عبد الله بْن طاهر مِصر كنتُ فيمن دخل عَلَيْهِ، فقلتُ: حَدَّثَنَا ابن لَهِيعة، عَنْ أَبِي قُبَيل، عَنْ سُبَيع، قَالَ: " يا أهل مِصر، كيف إِذا كَانَ فِي بلدكم فِتنة فولِيَكم فيها الأعرج، ثمَّ الأصفر، ثمَّ الأمرد، ثمَّ يأتي رجُل من ولَد الْحُسَيْن لا يُدفَع ولا يُمنَع تبلغ راياته البحر الأخضر يملأها عدلًا، فقلتُ: كَانَ