قَالَ أَبُو عُمَر محمد بْن يوسف الكِنْديّ، وقد كَانَ مدحه قبل ذَلكَ، فقال:
لَفَضْلُكَ أَضْحَى يَا مُفَضَّلُ ظَاهِرًا … لِمَنْ كَانَ يَعْنَى بِالْأُمُورِ وَيَعْقِلُ
لَقَدْ سُسْتَ فَصْلَ الحُكْمِ فِي الدَّهْرِ حِقْبَةً … فَلَا أَنْتَ ذُو خُرْقٍ وَلَا أَنْبَ تَجْهَلُ
وَلَا أَنْتَ مِمَّنْ يَطَّبِيه مَطَامِعٌ … وَتُعْرِضُ عَنْ وَتَعْدِلُ
فَإِنْ قِيلَ أَيُّ النَّاسِ أَهْجَرُ لِلْهَوى … وَأَقْضَى بِفَصلِ الحُكْمِ قِيلَ المُفَضَّلُ
فَأَنَّى نَخَافُ الْجَوْرَ مِنْكَ وَإِنَّما … دَلِيلُكَ فِي الحُكْمِ الْكِتَابُ المُنَزَّلُ
ثمَّ هجاه بعد، فقال:
خَفِ اللهَ وَارْقُدْ وَاتَّئِدْ يَا مُفَضَّلُ … قَصْدِ السَّبِيلِ عَنْ فَصلِ القَضَاءِ سَتُسْأَلُ
وَإِنَّكَ مَوْقُوفٌ بِهِ وَمُحَاسَبٌ … فَدُونَكَ فَانْظُرْ كَيْفَ فِي الحُكْمِ تَفْعَلُ
أَفِي الْعَدْلِ أَنْ أُقْصَى وَأُخْرَجَ مُتْعَبًا … وَتُدْنِي بِفَضْلٍ مِنْكَ خَصْمِي وَيدْخُلُ
وَيُفْتَحُ إِنْ يَدْنُو لَهُ الْبَابُ جَهْرَةً … وَيُغْلَقُ دُونِي إِنْ دَنَوتُ وَيُقْفَلُ
وَتُقْبَلُ مِنْهُ فِي مَغِيبي شُهُودُهُ … وَبَيِّنَتِي لَيْسَتْ إِذَا غَابَ تُقْبَلُ
فَهَا أَنَا ذَا أَصْبَحْتُ خَصْمَكَ فِي الَّذي … قَضَيْتَ بِهِ والْحَقُّ مَا لَيْسَ يُجْهَلُ
فَأَصْغِ إِلَيَّ السَّمْعَ مِنْكَ وَأَنْبني … بِأَيِّ وُجُوهِ الفِقْهِ أَصْبَحْتَ تَعْمَلُ
حَدَّثَنَا محمد بْن يوسف، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن قُدَيد، عَنْ أَبِي نصر بْن صالح، عَنْ ياسين، عَنْ أبيه، " أن أَبَا الكَرَوَّس تَمَّام بْن الكَروَّس الكَلْبيّ زوَّج امرأَةً من المَعافر، يُقال لها أمّ شاكر، فنافرته يومًا، فطلَّقها، وادّعت عَلَيْهِ مهرًا، فخاصمته إلى المُفضَّل أَبُو الكَرَوَّس:
أَلَا طَرَقَتْنَا سُحْرَةً أُمُّ شَاكِرٍ … بِكارًا وَهَلْ يُؤْذيكَ إِلَّا الْمُبَاكِرُ
وَقَدْ أَخَذَتْ مَهْرًا لِمَا كانَ عِنْدَهَا … وَهذا شُهُودِي حِميَرٌ والْمَعَافِرُ