عليهم القلانس، فأقبل عَبْد الغنيّ، ومَطَر جميعًا، فضربا رءُوس الشيوخ حتى ألقَوا قلانسهم "
قَالَ: وأخبرني محمد بْن أَبِي الحَديد، قَالَ: حدّثني عُتبة بْن بِسطام، قَالَ: «رأَيت قلانس الشيُوخ يومئذٍ فِي أَيدي الصِّبيان، والرَّعاع يلعبون بها، وكانوا بعد ذَلكَ لا يدخلون إلى ابن أَبِي الليث، ولا يحضرون مجلِسه فِي قَلَنْسُوَة»
وأنشدنا إسماعيل بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن تَميم للجمَل:
وَأَخَفْتَ أَيامَ الطِّوَالِ وَأَهْلَهَا … فَرَمَوْا بِكُلِّ طَوِيلَةٍ لَمْ تُقْصَرِ
مَا زِلْتَ تَأْخُذُهُمْ بِطَرْحِ طِوَالِهِمْ … وَالْمَشْيِ نَحْوَاكَ بِالرُّءُوسِ الْحُسَّرِ
حَتَّى تَرَكْتَهُمُ يَرَوْنَ لِبَاسَهَا … بَعْدَ الْجَمَالِ خَطِيَّةً لَمْ تُغْفَرِ
يَتَفَزَّعُونَ بِكُلِّ قِطْعَةٍ خَرْقَةٍ … يَجِدُونَهَا مِنْ أَعْيُنٍ وَمُخَبِّرِ
فَإِذَا خَلَا بِهِمُ الْمَكَانُ مَشَوْا بِهَا … وَتأَبَّطُوهَا فِي الْمَكَانِ الْأَعْمَرِ
فَلئِنْ ذَعَرْتَ طِوَالَهم فَلَطَالَ مَا … ذَعَرَتْ وَمَنْ بِرُوَائِهَا لَمْ يذْعُرِ
كَانُوا إِذَا دَلَفُوا بِهِنَّ لمفْضَلٍ … أَمْضَى عَليْهِ مِنَ الْوَشِيجِ الْأَسْمَرِ
كَمْ مُوسِرٍ أَفْقَرْتَهُ وَمُفَقَّرٍ … أَغْنَيْتَهُ مِنْ بَعْدِ جَهْدٍ مُفْقَرِ
مَا إِنْ عَلَيْك لَقِيتَ مِنْهُمْ وَاحِدًا … أَوْفَى الْعَجَاجَ مُدَجِجًا فِي مِغْفَرِ
لِبِسُوا الطِّوَالَ لِكُلِ يَوْمِ شَهَادَةٍ … وَلَقُوا الْقُضَاةَ بِمِشْيَةٍ وَتَبَخْتُرِ
مَالِي أَرَاهُمْ مُطْرِقِينَ كَأَنَّمَا … دُمِغَتْ رُءُوسُهُمُ بِحُمَّى خَيْبَرِ
أخبرنا ابن قُدَيد، عَنْ يحيى بْن عثمان، قَالَ: «لمَّا عُزل ابن أَبِي الليث ترك كثير من الشيوخ لِباس القلانس منهم أَبُو إبراهيم المُزَنيّ».
سَمِعْتُ كَهْمَس بْن مُعْمَر، يَقُولُ: لمَّا أمر ابن أَبِي الليث بطَرح القلانس لم يثبت عَلَى لِباسها إلَّا محمد بْن رُمح، فلم يُعارَض
أخبرني إسماعيل بْن إِسْحَاق بْن إبراهيم بْن تَميم، أن النيل كَانَ توقَّف، فاستسقى أهل مِصر وحضر ابن أَبِي الليث الاستسقاء، فوثب المصريّون بسبَب غَلاء القمح، وأخذوا قَلَنْسُوَته، فلعِبوا بها بعد ما فعل بقلانس أهل مِصر بثمانية أيَّام.