الحُكم فِي الجامع يوم الإثنين لعشر خلونَ من جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين ومائتين.
حَدَّثَنِي محمد بْن أَبِي الحَديد، قَالَ: كَانَ. . . . . يَقُولُ: أَنَا ولَّيت الحارث بْن مِسكين القضاء، فإذا سُئل عَنْ ذَلكَ، قَالَ: كنت عند المُتوكِل، فذكر رجُلًا يولِّيه قضاء مِصر، فقال: اكتبوا إلى عيسى بْن لَهِيعة.
فقلت: والله يا أمير المؤمنين فِي المُسلِمين أن عيسى بْن لَهِيعة مستهتَر بالشَّطرَنج.
قَالَ: فمن ترى.
قلت: بها رجُل يعرِفه أمير المؤمنين وهو الحارث بْن مِسكين.
فقال: صدقت، اكتبوا بوِلايته.
أخبرنا ابن قُدَيد، قَالَ: فأتاه كتاب القضاء وهو بالإِسكندريَّة، ففضّ الكتاب، فلمَّا قرأه امتنع من الوِلاية، فجبره عَلَى قبولها إِخوانه، وقالوا: نَحْنُ نقوم بين يديك، فقدِم الفُسطاط، وجلس للحُكم، واستكتب محمد بْن سلَمة المُراديّ، وولّى عَلَى أموال السبيل والغَيب عمرو بْن يوسف بن عمرو بْن يزيد الفارسيّ، ومحمد بْن سلَمة المُراديّ، وإبراهيم بْن أَبِي أيّوب، والفضل بْن إِدريس، وجعل عَلَى مسائله عمرو، ويزيد ابني يوسف بْن عمرو بْن يزيد، وجعل معهما بعد ذَلكَ أَبَا بُردة أحمد بْن سُلَيْمَان التُّجيبيّ.
قَالَ ابن قُدَيد وحمله أصحابه عَلَى كشف ابن أَبِي الليث والتقضِّي عَلَيْهِ بِمثل ما تقضَّى بِهِ عَلَى هارون بْن عبد الله من رفع حساب بيت المال وما كَانَ فِيهِ، فكان ابن أَبِي الليث يُوقَف كلّ يوم بين يدي الحارث فيُضرَب عشرينَ سوْطًا ليُخرج ممَّا وجب عَلَيْهِ من الأموال التي كانت تحت يده، أقام عَلَى ذَلكَ أيَّامًا، فكلّمه يزيد بْن يوسف، وأبو بُردة، وقالا لا يجب للقاضي أن يتولَّى مثل هذا.
فترك الحارث مُطالَبته وضرْبه.
قَالَ ابن قُدَيد وكان الحارث هذا مقعدا من رجليه، فكان يحمل في محفة في المسجد الجامع، وكان يركب حمارا متربعا، وطلب إليه في لباس السواد، فامتنع، فخوفه أصحابه سطوة السلطان به، وقالوا يقال أنك من موالي بني أمية.
فأجابهم إلى لباس كساء أسود من صوف. . «وأمر الحارث بإخارج أصحاب أَبِي حنيفة من المسجِد وأصحاب الشافعيِّ، وأمر بنزع حُصرهم، ومنع عامَة المؤَذّنين من الأذان، ومنع قُريشًا والأنصار أن يُدفَع إليهم من طُعمة رمضان شيء، وأمر