بعمارة المسجِد الجامع، وحفر خليج الإسكندريَّة، ونهى عَنْ تفتيل المصايد.
فأبيحتِ الناس، ومنع من النِّداء عَلَى الجنائز وضرب فِيهِ، ومنع القُرَّاء الَّذِي فِي مسجِد محمود وغيره الذين يقرءون القُرآن بالألحان، وكشف أمر المصاحف التي بالمسجد الجامع، وولّى عليها أمينًا من قِبَله وهو أوَّل القُضاة فعل ذَلكَ وترك تلقِّي الوُلاة والسلام عليهم، ولاعن بين رجُل وامرأَته فِي الجامع، وضرب الحدّ فِي سبّ عَائِشَة أمّ المؤمنين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وتهدّد بالرَّجْم، وقتل نَصرانيًّا سبّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن جلده الحدّ، وأمر بضرب عُنُق رجُلين نَصرانيّين شُهِد عنده أنهما ساحران».
أخبرني أَبُو سلَمة أُسامة، قَالَ: سَمِعْتُ أحمد بْن عمرو بْن سَرح، يَقُولُ:«ما دخل فِي وِلاية الحارث بْن مِسكين شيء من الخَلَل إلَّا فِي بيت المال وحده، فإن أمره لم يجر عَلَى استقامة».
فذكرت ذَلكَ لابن قُدَيد، قَالَ: أخبرني يحيى بْن عثمان بْن صالح، قَالَ: قَالَ لي هارون بْن سَعِيد بْن الهَيْثم: كنَّا نجلِس فنتشاكى أمر ابن أَبِي الليث، وأنه لينبغي أن نتشاكى أمر الحارث، فإِنّي أَشرت عَلَيْهِ أن لا يدفع مِفتاح بيت المال لغيره، فإن هارون بْن عبد الله إنَّما أُتي منه.
قَالَ: فلم أبرح حتى أخرج المفتاح من القِمَطْر، فدفعه لأخيه محمد بْن مِسْكين، ولإبراهيم بْن أَبِي أيّوب ليُخرجا شيئًا من بيت المال، وسمِعت عَبْد الكريم بْن إبراهيم بْن حبان المُراديّ، يَقُولُ: سرق إبراهيم بْن أَبِي أيّوب من بيت مال القُضاة ثلاثين ألف دينار.
قلت لَهُ: كيف علِمت هذا؟ قَالَ: والله لقد سمِعت يُونُس بن عبد الله يقوله غير مرَّة