فَالْتَفَتَ إِلَى يُونُسَ بِرِفْقٍ، فَقَالَ لَهُ الْحَارِثُ: أَنْتَ تُحْسِنُ هَذَا كُلَّهُ، وَأَنْتَ تَصْنَعُ مَا تَصْنَعُ.
فَقَالَ لَهُ يُونُسُ: أَنْتَ قَاضٍ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ»
أخبرني الْحُسَيْن بْن محمد بْن هارون الفرضيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى بْن أيّوب العَلَّاف، " أن يُونُس بْن عَبْد الأَعلى شهِد عند الحارث بْن مِسْكين بشهادة، فلمَّا انصرف أُسقط فِي يديه، وعلِم أن أَبَا بُردة أحمد بْن سُلَيْمَان بن بُرد، وعمرًا، ويزيد ابني يوسف بْن عمرو سيجرحونه، فرجع إلى الحارث من وقته، فقال: أصلح اللَّه القاضي أني شهِدت اليوم بشهادة فِي قلبي منها شيء لست أحقّها.
فأوقف الحارث الشهادة، وبلغ أَبَا بُردة، وعمرًا، ويزيد الخبَر، فقالوا: أفلت يُونُس من أيدينا ".
أخبرني يحيى بْن محمد بْن عَمرُوس، قَالَ: كنت حاضرًا عند يُونُس والقارئ يقرأ عَلَيْهِ، فدخل رجُل، فقال: مات يزيد بْن يوسف.
فماج أهل المجلِس، فقال يُونُس: ما بالكم؟ قِيلَ: مات يزيد.
فأطرق مليًّا، ثمَّ رفع رأسه، فقال: حبَّذا موت الأعداء بين يديك وأنت تنظر.
ثمَّ خرج إلى جَنازته وهو راكب حِمارًا، فصلَّى عَلَيْهِ ولم ينزل من عَلَى الحمار
سَمِعْتُ محمد بْن الخَير، يَقُولُ: حَدَّثَنِي أخي مَيمُون، قَالَ: " كنت عند الحارث بْن مِسْكين، فدخل إِلَيْهِ رجُل، فخاطبه بشيء.
فقال لَهُ الحارث: من يشهَد لك؟ قَالَ: محمد بْن عبد الله بْن عَبْد الحكَم.
فقال لَهُ الحارث قُلْ لَهُ إِن كَانَ رجُلًا فليأتِ، فليشهَد "
أخبرني محمد بْن سَعِيد بْن حفص الفارض، أن رجُلًا من أهل العِراق نظر إلى سُلَيم الخادم الأسود مولى إبراهيم بْن تَميم، فقال: ما أَعجَب أمركم يا أهل مِصر يكون سُلَيم الأسود مُعدَّلًا فيكم، ومحمد بْن عبد الله بْن عَبْد الحكَم مجروحٌ.
فسمِعه سُلَيم، فقال لَهُ: يا هذا إِنّي لم أَخُن أَمانتي، ولم أدّعِ ما لَيْسَ لي.
أخبرني أحمد بْن الحارث بْن مِسكين، قَالَ: بلغني أن أَبِي قبِل سُلَيمًا بغير شاهد شهِد لَهُ، وقال: أَنَا بِهِ عارف.
أخبرني عبد الله بْن مالك بْن سيف التُّجِيبيّ، قَالَ: كانت عجوز من أهلنا لها مورَث فِي دارٍ، فغُصبته، وكان أَبِي، ومحمد بْن عَبْد الحكَم يشهدان لها، فشهِد لها أَبِي عند الحارث، وأقامت المرأَة تختلف إِلَيْهِ زمانًا تسأَله أن يأْذَن لها بإحضار محمد بْن عَبْد الحكَم وحارث