أن عُبَيْد اللَّه بْن لحَبْحاب لمَّا ولَّاه هِشام مِصر، قَالَ: ما أرى لقيس فيها حظًّا إلَّا لناس من جَدِيلة وهم فَهْم وعَدْوان.
فكتب إلى هِشام: إِنَّ أمير المؤمنين أطال اللَّه بقاءه قد شرَّف هذا الحيّ من قيس ونعَّشهم ورفع من ذكرهم، وإني قدِمت مِصر فلم أَرَ لهم فيها حظًّا إِلَّا أبياتًا من فهم، وفيها كُوَر لَيْسَ فيها أحد، وليس يضر بأهلها نزولهم معهم، ولا يكسِر ذَلكَ خَراجًا وهي بُلْبَيس، فإِن رأَى أمير المؤمنين أن يُنزِلها هذا الحيّ من قيس فلْيفعل.
فكتب إِلَيْهِ هِشام: أَنت وذلك.
فبعث إلى البادية، فقدِم عَلَيْهِ مائة أهل بيت من بني مُضَر، ومائة أهل بيت من بني عامر، ومائة أهل بيت من أَفناء هوازِن، ومائة أهل بيت من سُليم، فأَنزلهم بُلْبَيس، وأَمرهم بالزرع، ونظر إلى الصَّدَقة من العُشور فصرفها إليهم، فاشتروا إِبِلًا، فكانوا يحمِلون الطَّعام إلى القُلْزُم، وكان الرجُل يُصيب فِي الشهر العشرة دنانير وأكثر وأقلّ، ثمَّ أمرهم باشتراء الخيول، فجعل الرجُل يشتري المُهْر فلا يمكُث إلَّا شهرًا حتى يُركب وليس عليهم مَئُونة فِي إعلاف إِبِلهم ولا خَيْلهم لِجُودة مَرْعَاهم.
فلمَّا بلغ ذَلكَ عامَّة قومهم تحمَّل إليهم خمسمائة أهل بيت من البادية، فكانوا عَلَى مثل ذَلكَ، فأقاموا سنة، فأتاهم نحو من خمسمائة أهل بيت، فمات هِشام وببُلْبَيس ألف وخمسمائة أهل بيت من قَيس حتى إذا كَانَ فِي زَمن مَرْوان بْن محمد، وولِيّ الحَوْثَرة بْن سُهيل الباهليّ مِصر مالت إِلَيْهِ قيس، فمات مَرْوان وبها ثلاثة آلاف أهل بيت، ثمَّ توالدوا وقدِم عليهم من البادية من قدِم ".
قَالَ الهَيْثَم: فحَدَّثَنِي أَبُو عَبْد العزيز، قَالَ: أحصيناهم فِي وِلاية محمد بن سَعِيد عَلَى مِصر، فوجدناهم صغيرهم وكبيرهم وكلّ من جمعت الدار منهم خمسة آلاف إلَّا مائتين أو ومائتين.
وفي إِمرته خرج وُهَيْب اليَحصُبيّ شاريًا بالفُسطاط فِي سنة سبعٍ عشرة ومائة، وذلك أن الوليد بْن رِفاعة أَذِن للنصارى فِي ابتناء كنيسة بالحمراء تُعرف اليوم بأبي مِينا، فخرج وُهَيب غَضَبًا لذلك، فأَتى إلى إِثر ابن رِفاعة ليفتك بِهِ، فأُخِذ وقُتِل، وهو الَّذِي يُقال