للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خصوصا فإن معناه العموم كقوله: {إن رأيت} فقيرا فاعطف عليه، لا يراد بهذا فقير مخصوص معين وإنما هو عام في كل فقير.

وأما قول من قال إنه منسوخ بقوله: {إلا ما دمت عليه قائما} فإنما يصح هذا على حال إذا كانت هذه الآية بعد قوله: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} وقد ثبت أن آية الربا من آخر آية نزلت وهذا حرف من ذلك، فقد ثبت تأخره ولو لم يثبت ذلك لم تكن فيه حجة لأن قوله تعالى: {لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما} إنما معناه لا يؤده إليك إلا أن تكون ملازما من حين العطاء إلى حين الأداء، فإن فارقته، قال: ليس لك عندي شيء، وهذا محتمل يسقط التعلق به لأبي حنيفة، وأصحاب الملازمة

توحيد: لما قال الله تعالى: {ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك} وجب صدق الله في خبره وصدق النبي في تبليغه، وقد شاهدنا من ذلك بثغر الإسكندرية دليلا وذلك أن على الروم في تعشيرهم بها من الذهب الثلث، فخرج بعضهم بجملة عظيمة من الذهب على اختفاء فرأى رجلا عليه شارة بهية من عمة عليه وصفحة وضية وكسرة نية فالتزمه وعرض عليه ما عنده من تلك الجملة من الذهب وسأله أن يدخله متسترا به حتى لا يمكس فيه فقبله واحتمله وسار إلى البلد ورجع الرومي إلى باقي رحله فأخرجه ثم رفعه على الحمالين وجاء به إلى باب البلد ووقف بين يدي المكاس في ديوان المكس حتى يأخذ من رحله ما يجب له، فلا مثل بين يديه إذا به صاحب الوديعة فسقط في يده واستسلم إليه وحاسبه على الواجب في رحله، فلما وفاه إياه قال له: خذ واجبك من تلك الوديعة وسلمها إلي. فقال له: خذها كلها لا يلزك فيها شيء لأنا إنما أخذنا

<<  <   >  >>