للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال القاضي أبو بكر بن العربي رضي الله عنه:

وقد روي ذلك عن أبي بن كعب قال حبيب بن أبي ثابت: أعطاني ابن عباس مصحفا وقال هذه قراءة أبي ومصحفه، فقرأت: {فما استمتعتم به منهن إلى أجل فأتوهن أجورهن فريضة} وكذلك روى أنه قرأ بها ابن عباس. وقد بينا في غير موضع أن هذه الرواية ضعيفة وأن القراءة شاذة لا تعتبر في رسم ولا يبنى عليها حكم. وإنماشغف بها الذين أرادوا الاشتغال عن التفقه في القرآن بحروفه الصحيحة، فما أقنعهم ذلك حتى صور عليهم من لا يتقى الله كل ما يجوز في اللغة. وقد كان ذلك جائزا حياة النبي صلى الله عليه وسلم على ما بيناه في المشكلين وغيره، عند الأكثر. فأما وقد استقر القرآن بنقل الصحابة أجمعين لفظا وكتبهم خطا فما وراء ذلك مطرح قرآنا وحكما بما حفظ الله علينا كتابنا وفضلنا به على جميع الأمم، وقد كنت أيام الطلب جمعت من ذلك عظيما وياليتني أفنيت الزمان في غيره وتركته ولكن الرشد لا يتبين ببادي الرأي لكل أحد حتى تحكمه المعرفة وتحنكه التجربة.

وأما ما ذكره القرطبي وغيره عن الصحابة رضوان الله عليهم فلقد كان نكاح المتعة فيهم فاشيا جائزا ثم نسخ. وأمر نكاح المتعة من غريب الشريعة فهو من ناسخ الحديث ومنسوخه لا من ناسخ القرآن ومنسوخه، فإنه ليس له في القرآن ظاهر يعول عليه، وخذ هذه الآية مثلا في التبين فإن قوله تعالى في القرآن: {فما استطعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة} لا يقتضي جواز التأجيل وإنما فيه ذكر الاستمتاع والأجر من المرأة مطلقا لكن على سبيل النكاح وله شروط شرعية قد استقرت فيه وانتظمت به قرآنا وسنة. فأما شأنها في

<<  <   >  >>