للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يمكننا الشك في صحة إرجاع أصل هذا الاقتباس إلى كتاب من هذا القبيل. ونظرا للطابع التجميعي لكتاب البزاة العربي فيبدو أن الأرجح- مقابل رأي مولر moller أن المؤلّف العربي اقتبس عن ترجمة عربية لكتاب من كتب بليناس مباشرة؛ والأرجح أنه «كتاب العلل» قبل أن أعيد تحريره إبان عهد المأمون. وفي مثل هذه الحالة، فإن إمكانية إيجاد هذا الاقتباس في التحرير الذي وصل إلينا تتوقف على مدى ابتعاد المحرر عن الأصل الذي كان عنده. وفي الواقع فليس من الممكن إيجاد ذلك حرفيّا في «كتاب العلل» الذي وصل إلينا، وإنما فحواه فقط مع اختلاف كبير في التعبير (١). يعزز هذا أن «كتاب مفتاح الحكمة» - ينسب إلى تلميذ من تلاميذ بليناس، وقد يكون مجرّد ترجمة لتحرير من التحريرات الأخرى لكتاب بليناس- أورد بعضا من هذا الاقتباس نقلا عن كتاب البزاة وتحت اسم بليناس كذلك (٢).

هناك قرائن أخرى تدعو للاعتقاد بأن العرب عرفوا الكتب المنسوبة إلى بليناس في وقت مبكر، فكتاب الأصنام (في الأصنام السبعة)، وهو كتاب ينسب إلى بليناس أيضا، يفيد أنه ترجم إلى اللغة العربية في عهد خالد بن يزيد (مخطوطة- برلين ٤١٨٨، ٢٠ ب، كراوس، ٢٩٧، ii ن ٥). أمّا وصف الكتاب، اعتمادا على محتواه، بأنه إسلامي واعتبار بيان تأريخ ترجمته (المذكور فيه) محض اختلاق أدبي، كما يفعل كراوس، فليس له ما يبرره، وهو ناتج عن تصوره لزمن نشأة العلوم العربية الطبيعية والترجمات الأولى. وفي الإمكان تقويم هذا البيان والبيانات الأخرى المشابهة تقويما مغايرا فتؤدي إلى استنتاج زمن أقدم وتأكيد لمعطيات أخرى شبيهة. لذلك، لا بد من الإفادة من احالات هذا الكتاب، على سبيل المثال، إلى «كتاب العلل» وإلى «اللوح الزمردي» (كراوس، ٢٩٧، ii ن ٥)، إذا ما أريد تفسير معرفة العرب لهما.

فلو منح الفهرس الصنعوي لخالد بن يزيد ثقة أكبر، ولو سلّم بأن اسم بليناس ورد


(١) وسرت تلك الريح الساكنة التي تسمى الهواء عالية لما بين الفلك إلى أرضه، لم يخل منها شيء ولأن العالم ملازمته، ولما كانت طبيعة البرد ثقيلة سفيلة امتزجت بالرطوبة ... » (سراي أحمد ٣٤، ٢٠٨٢، iii أ).
(٢) «أستاذنا بليناس: إن الهواء ماء حار رطب» (أيا صوفيه ٢٦٧٨، ٣٩ أ)، «واجتمع به الهواء الذي هو حار رطب» (أيا صوفيه ٢٦٧٨، ٤٤ ب).