للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جميعها العناصر الأربعة لا أقل ولا أكثر، وقال فى «كتابه النفس»: اعلم أن وجود وبقاء الحيوان يقوم على العقل، وما العقل يا طيماوس إلا الخلاء الذى يحيط بالعالم ....

والصنعة كالإنسان، هى الكائن العملاق (الكون- العالم الأكبر

makrokosmos

) موازيا للفلك بكامله، وهذا الفلك هو حيّ، والإنسان كائن دقيق (العالم الأصغر .... (mikrokosmos فإذا صح أن العالم أو الفلك كان حيّا وأن الإنسان حيّ أيضا فالصنعة تتطلب، للشبه بينها وبين الإنسان، عقلا بلا شك ولا ريب، وما العقل فى السيمياء فى الواقع إلا الزئبق. يا طيماوس من يعمل بالزئبق ويقدر أن يجمع معه العناصر الثلاثة الأخرى، يستطيع أن يعمل أشياء عجيبة للغاية. واعلم يا طيماوس أن التدابير الخفية بمجموعها التى مبعثها الزئبق تبلغ ٩٠ والأصل فى ذلك دائما الزئبق ... ».

«وأكمل الأدوات (في الصنعة) ما ركب على مثال العالم. ويقول فى الباب العشرين، يا بنيّ اعلم أن العقل المتحد بالجوهر الحار واليابس يكسب كل شئ وزنا من الحرارة ووزنا من اليبوسة ... وهكذا يصير العقل نارا، ويزيد أفلاطون فيقول: ألم تعلم يا بني أن العالم مكون من النار والهواء والماء والتراب؟ فإذا أردت يوما ما جمع هذه الأصول الأربعة فإنك تستطيع توليد العالم، غير أن هناك أصنافا ثلاثة من العوالم، فاذكر جيدا أي هذه العوالم تود، ثم اعمله (١)».

ويعوّل جابر في علم التوليد فيما يعوّل، على أفلاطون أيضا الذى يعزى إليه ذلك العلم الذي في الكتاب المزيف «كتاب النواميس» (٢) (انظر قبله ص ١٤١).

يتضح مما سبق أن سقراط من العلماء الذين كان لهم، بحكم الكتب المزيفة، دور مهم في تفكير جابر وبخاصة في نظامه الصنعوي، سماه جابر بأبى الفلاسفة وسيدها كلها (٣) وذكر العلم السقراطي بأنه يشكل أعلى درجة في علم الصنعة (٤). هذا وقد


(١) «كتاب مصححات أفلاطون» من الترجمة الفرنسية: كراوس ii ص ٤٩ - ٥١.
(٢) كراوس ii ص ١٠٤ - ١٠٥.
(٣) مختار رسائل ص ٣٨٩؛ كراوس، ii ص ٥٢.
(٤) المصدر السابق ص ٥٢.