للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميزان، كما يقدم جابر نظرية سقراط على نظرية بليناس (١). وقد عرف (بليناس) هذا ميزان الحجر والنبات والحيوان الذي سمّاه جابر «الميزان الأول» أي ميزان ما خلقه الله تعالى. أمّا ميزان ما يولّد من المعادن والنبات والحيوان فقد سماه جابر «الميزان الثاني» (٢). لقد سبب التركيب المعقد للجملة- كما أعتقد- سوء فهم ل كراوس، فتراءى له وكأن بليناس هو الذى ذكر نوعي الميزان (٣). ومما يبرر تصويب هذا الخطأ أن بليناس لم يعرف التوليد. وقد سبق للجلدكى، شارح «كتاب السبعة»، ذلك الكتاب الذي خصصه بليناس بخاصة لعلم الميزان، سبق له أن أشار إلى أن الكتاب عالج «الميزان الطبيعى» (٤). وهناك سبب وجيه آخر يتعلق بذلك، أشار إليه كراوس نفسه، مفاده خلو «كتاب سر الخليقة» من الكلام فى النظرية التى تفيد أن الطبائع قابلة للوزن وأن تجانس العالم يقوم (٥) على نسبها الكمية. وعلى العكس من ذلك فقد ذهب بليناس- كما فهم من الأقوال فى «كتاب الأحجار» لجابر- إلى أبعد من ذلك بكثير، ففى الكتاب قوبل ميزان الخلق الإلهي الكمي بميزان التوليد (٦). ولسوء الفهم هذا نسب القانون الكمي الثاني في التوليد وفي العلم البشرى (وهذا من جابر فى الأصل) إلى بليناس، ومن ثم وضع كراوس النظرية التالية: «نظرا لأنّ جابرا انتقد علم بليناس كثيرا وأجرى عليه تصحيحات، فليس من الصواب أن نفترض أنّ مؤلف أو مؤلفى كتب جابر قد اختلقوا علوم بليناس الرياضية برمتها، فالأولى أن يعتقد أن كتاب العلل كان دافعا لبعض الأوساط العربية على وضع تأملات متمّمة، ربما تبلورت فى علوم جابر المقتبسة (٧) (التي نحلها جابر لبليناس). فضلا عن ذلك، فقد اعتقد كراوس أنه بالإمكان، لتدعيم هذه النظرية، إيراد ذلك النص الذي يقول فيه جابر على لسان


(١) المصدر السابق ص ٥٤.
(٢) مختار رسائل ص ١٢٩.
(٣) كراوس ii ص ١٠٠، ٢٨٧.
(٤) كراوس ii ص ٢٩٨، ن ٢.
(٥) المصدر السابق ص ٢٨٩.
(٦) المصدر السابق.
(٧) المصدر السابق.