للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بليناس (وذلك، كما اعتقد، نتيجة لخطأ وقع فيه كراوس فى نسبة الضمير) أن اللغة العربية ملائمة للإخضاع لطريقة الميزان وأفضل من جميع اللغات الأخرى (١). وقد استشهد كراوس علاوة على ذلك باقتباس آخر، ذكر جابر فيه «أصحاب بليناس الإسلاميين» (٢)، «عزا إليهم تفسيرا مرموزا لآية قرآنية» (٣) واعتقد كراوس بناء على هذه الأفكار أن كتاب بليناس الذى شرحه جابر يشكل قليلا أو كثيرا استمرارا طبيعيّا للأصول المذهبية فى «كتاب سر الخليقة» (٤). وباختصار: كراوس لم يصل إلا لهذه النتيجة، ذلك لأنه التبس عليه ضمير الفاعل فقد عدّ إنجازات جابر فى بعض المواطن، إنجازات لبليناس، رغم أنه لم يعثر عليها فى كتابه (كتاب بليناس). ومما ينبغى قوله بصدد موضوع علاقة المجموع الجابرى بكتب بليناس هو أن جابرا- خلافا لرأى كراوس (٥) - استعمل على ما يبدو ترجمة أخرى أقدم من الرسالة التى بين أيدينا اليوم. وهكذا يجب أن تدرس بعد علاقة جابر بكتب بليناس الأخرى المحفوظة.

ولا بد من الرجوع إلى «كتاب مفتاح الحكمة» بالنسبة لهذه الدراسة، فهذا الكتاب- المعروف بالترجمة اللاتينية بعنوان clavissapientiae ولمؤلف يدعى artefius ربما كان لمؤلف باقى كتب بليناس نفسه، ويدّعى فيه أنه تلميذ بليناس (انظر قبله ص ١٢٠). وقد اعتمد هذا الكتاب على «كتاب العلل» إلى درجة يمكن اعتباره تحريرا للكتاب القديم خصّص لاستيعاب ما اكتسب من معارف بعد تصنيف الكتاب في صورته القديمة. يفيد هذاالكتاب أن العناصر تولدت من الطبائع والطبائع ذاتها تولدت من «الكلمة (logos) «و «الكلمة» هى علة العلل، فالأمر إذن مرحلة متطورة من الفيض «emanation» تتفق مع مذهب الفيض الأفلاطونى الجديد، انفطر عن الكلمة فلك، فلك الضوء الأعلى المتطابق مع فلك الحرارة وفلك الرطوبة، ثم انبثق


(١) المصدر السابق.
(٢) كتاب الأحجار (مختار رسائل ص ١٤٤).
(٣) كراوس.٢٩٠ - ٢٨٩، ii
(٤) المصدر السابق ص ٢٩٠، ٣٠٢.
(٥) كراوس، ii ص ٢٨٠، ٢٨٢، ن ٣.