ونود قبل مناقشة هذه الاستنتاجات بالتفصيل أن ننبه إلى أن كامل النص العربى فاسد وأن كراوس نشره بالرجوع إلى المخطوطة القاهرية كثيرة العيوب. وقد أوضح كراوس نفسه في تحقيقه أن هناك صعوبات جمة لم يتغلب عليها.
(١) ذكر كراوس: «بالنسبة لجابر فإن مذهب الفلكيين اليونان هذا يكشف سرّا دينيّا، بل سرا أخرويّا، فالشمس الطالعة في المغرب هي بالنسبة له رمز للإمام ... » وكما نرى فإن كراوس لم يتوصل إلى مثل هذه النتيجة اعتمادا على قرائن محسوسة واضحة وإنما وفقا لتفسير وتخمين مطلقين، ربما كان لحال الكتاب دور في ذلك، ومن ثم خلط كراوس هنا وهناك اقتناع الطوائف المختلفة (التي اقتبس جابر عنها، كما نعتقد، وفقا لمصادره، حرفيّا) باقتناع جابر نفسه (١). وقد بيّن جابر لماذا سرد هذه الآراء؛ ذلك لأنها من مستلزمات «كتاب إخراج ما في القوة إلى الفعل».
(٢) أما كلام كراوس أن فقرة جابر ذكر فيها القرآن «الكريم» والحديث الشيعي ليثبت أن الشمس قد غيرت مسارها في الماضى مرارا وأنها طلعت من الغرب، أما هذا الكلام فيحتاج إلى إيضاح. إن الآية القرآنية المعنية (سورة ٢ آية ٢٥٨) لا تدل على تغيير حصل فى مسار الشمس وإنما تبين حوارا جرى بين إبراهيم (عليه الصلاة والسلام) وبين النمرود، قال «سيدنا» إبراهيم فيها: « ... فإن الله يأتي بالشمس من المشرق، فائت بها من المغرب، (فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين)». وأما الحديث الشيعي فما عرف منه- كما ذكر آنفا- هو أن الشمس ردّت في مسارها حتى تمكن «الإمام» على «كرم الله وجهه» زمنيّا من إيجاد مكان مناسب لأداء الصلاة.
(٣) إن فهم كراوس أن جابرا يذكر: «وسيحصل كذلك في زماننا مثل ذلك، كي يتمكن الظاهر (أي إمام من الأئمة) من إقامة الصلاة» «إن فهمه هذا لا يتفق مع النص
(١) في اعتقادى أن جابرا أورد اقتباسات في المواضع التالية: ص ٣٥، س ١٤ وحتى ص ٣٦ س ٥؛ ص ٣٦ س ١٠ - ١١؛ ص ٣٦ س ١٥؛ ص ٣٧ س ٢؛ ص ٣٧ س ٥ - ٨.