للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاذقين، ويضرب مثالا على ذلك وضع جابر فقد كان هناك عديد ممن سمّوا أنفسهم بجابر وسيأتي بعده غيرهم أيضا (١).

وبعد، فإذا كنا نخالف كراوس ولا نرى أية صلة بين «كتاب الماجد» وبين النصيريين، تبقى الإجابة على السؤال عن حقيقة هذا الكتاب. ونحن نعتقد أن معالجة هذا الكتاب وتقويمه يجب أن تتم فى إطار نظرية جابر فى الميزان، وفيما يتعلق بتطور هذه النظرية. فالظاهر أن هذا الكتاب تقدم بداية تطور نظرية جابر، إذ ينطلق من تعاليم الغنوسطيين الشيعة الأوائل من جهة ولأنه من جهة أخرى تيسر له نظرية ميزان لسيميائي ما قبل الإسلام. ولهذا نود أن نحدد هذه المرحلة زمنيا في منتصف القرن الثانى/ الثامن. ولقد تطلب اكتمال نظرية ميزان معقدة للحروف وللأشياء العضوية وغير العضوية، تطلب تطورا طويلا، الأمر الذي اقتضى أن يعرف مصادر كثيرة أخرى كذلك. ومن الجدير بالذكر أن كراوس نفسه نوه بفعل الغنوسطية الإسلامية، التي كانت بدورها متأثرة بالسحر القديم وبالغنوسطية التى سبقت الإسلام، بفعلها على نظرية جابر في الميزان (٢).

ومن الحجج الأخرى التي تدحض تبعية جابر المزعومة بنصيريي القرن الثالث/ التاسع، ما بينه كراوس نفسه فى قضية مشابهة في «سفر يصيرا» (من القرن الثاني في الغالب). فقد وجد كراوس فيه مصطلحا، كالذى كان يستعمل لدى العرب، ووجد ترتيبا للحروف وفقا لمخارجها، ترتيبا يبدو أن له صلة ما، بالنظريات اللغوية عند فقهاء اللغة العرب الأقدمين (٣). وقد ذكر كراوس أن ماسينيون نبه (٤) إلى أن أهم الحروف، التى تشكلأساس النظام في «سفر يصيرا»، وهى الحروف الثلاثة-


(١) المصدر السابق ص ١١٣.
(٢) كراوس ii ص ٢٦٢ - ٢٦٣.
(٣) كراوس ii ص ٢٦٦ - ٢٦٩.
(٤) ماسينيون، مصدره المذكور له أعلاه ص ٣٩، ن ٤.