للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بموضوعنا حول عمر جابر. ويستحق ما ذكره ابن أميل فيما يتعلق بالأخوين أن يكون، بسبب الاستنتاجات المتعلقة بالتاريخ الزمنى، أهم شئ؛ ذلك لأن ابن أميل يذكر أن صنعويين عديدين ادعى كل واحد منهم أنه الأخ أو أحد الأخوين اللذين تنبأ جابر ظهورهما فى المستقبل. ومما ينبغى التدبر فيه أن جابرا يتحدث عام ١٤٠ هـ عن مدة زمنية تبلغ ١٩٠ عاما يظهر بعدها الأخوان. وأن الصنعويين كانوا فى زمن ابن أميل يعتقدون اعتقادا راسخا فى جابر أو بالأحرى توقعوا هذا الاعتقاد لدى الآخرين (١). إن هذه المعلومات وغيرها عند ابن أميل (الذي توفي في الربع الأول من القرن الرابع الهجرى، انظر بعده ص ٤١٧) ترجع بسنة وفاة جابر إلى الوراء جيلا أو جيلين على الأقل.

أما فيما يتعلق بإحالات ابن وحشية إلى جابر، فقد كان من الممكن أن ينتفع منها فيما يوضح موضوعنا في الدراسات السابقة بشكل مغاير تماما، ذلك لو لم يحكم، بدون فهم، على خاصة التأليف عنده. وبخاصة لو لم يأخذ كراوس وآخرون هكذا وبدون تمعن بحكم noldeke المتداعى. وكما سنشرح فيما بعد (انظر بعده ص ٤٧٦) فإن ابن وحشية كان في الدراسات الحديثة ضحية الفكرة الخاطئة التى تكرر ذكرها في هذا الكتاب والمتعلقة بطبيعة آداب الكتب المزيفة. فقد كان المرء ينطلق على الدوام من التسليم بأن ابن وحشية نفسه كان المزور، حينما كان يكتشف أن الكتب التي يطلق هو عليها ترجمات عن اللغة النبطية، أنها لا يمكن أن تكون على ذلك القدم الذى يزعمه المؤلف، كما كانت تهمل باستمرار إمكانية أن ابن وحشية ربما ترجم ما هو مزور أصلا.

فهل استطاع أحد حتى الآن أن يقدم دليلا واحدا يدعونا للاعتقاد بأن ابن وحشية كان مزور «كتاب الفلاحة النبطية»؟ وأي القرائن الواقعية كانت في متناول noldeke في حكمه الذي يزعم فيه أن المؤلف الحقيقى لكتاب الفلاحة والكتب الشبيهة به هو أبو طالب الزيات، وهذا نحلها إلى ابن وحشية المتوفي والذي كان يعرف بأستاذ


(١) «قد ظهر في وقتنا هذا قوم متنبّلون فى الصناعة لرعونة فيهم فكل رجل منهم يدعي أنه أخو جابر بن حيان الصوفي رحمه الله وأنه هو الذي ذكره جابر بن حيان بقوله وإن لي أخوين يظهران فى آخر الزمان ... » (المصدر السابق ص ٩٣ س ٦).