٢ - اعلم أنه في موضوع عمل الإكسير لم يعثر حتى اليوم، إلا على ثلاثة تدابير تؤدي من القوة والإمكانية إلى التحقيق. وسأشرحها هنا ليتضح لك بقدر الإمكان كل ما قدمناه لك من ملاحظات. أما التدبير الأول الذي بلغ الهدف الأقصى، فقد مارسه، كما تفيد الروايات التي جمعناها في ذلك، آريوس القديم وأخوه أستخانيوس (؟ ) جنبا إلى جنب مع آخرين من معاصريهما. هذا وقد استعمله فيما بعد هرقل وأغاذيمون ومن ثم سقراط، أعظم معلمي الكيمياء الذي لم يفقه أحد ممن جاء بعده. وأما التدبير الثاني فهو ما عمل به منذ أغاذيمون وحتى زماننا. فلقد قرب عمل التدبير الأول وما منع أن بلغ التدبير الثاني النتيجة ذاتها، ذلك لأنه عدل فيه ما أغفل، فما كان دون التدبير الأول؛ ومنزلة التدبير الثالث من الثاني كمنزلة الثاني من الأول.
٣ - « ... ثم لما امتزجت الأصول (الطبائع الأربع) واختلطت، وعلق كل عرض من هذه الأعراض بالجسم، ظهر الظاهر فأخبر أن في مقدور الإنسان أن يعمل عمل الطبيعة، ثم إنه ضرب مثالا ذلك بأن رد الأشياء إلى كيانها، فعمل المذابات ثم إنه ألزمها الطبخ دائما كدوام طبخ الطبيعة الذي لا يغير، فعمل المذابة أولا وهي شكل مدور على شكل الكرة وجعل ذلك في نهر على عمل الدولاب، وجعل دورانه دائما، ثم أوقد عليه وقودا دائما في الحفر الذي تحت المذابة، وجعل في المذابة الرصاص الأسرب أولا ولم يزل الطبخ يأخذه دائما حتى أخرجه فضة بيضاء، ثم أخذه الطبخ أيضا حتى أخرجه ذهبا، ثم كذلك دبر القلعي والحديد والنحاس حتى عملها كلها، وفعل مثل ذلك بالفضة فكان أول الصنعة هذا. ثم إنه غاب (المعلم الأول) فظهر ظاهر آخر فيه قوة عجيبة فعمل الإكسير الأعظم (كأول واحد) في المدة البعيدة أولا. ثم لم يزل الناس يعملون به إلى زمن أفلاطون العظيم، ثم إنهم أحبوا أن يلخصوه فقربوا مدته فصار على العشر مما عمل أولا. ثم لم يزل ينقص حتى بلغ إلى عشر العشر، ثم إن التراكيب والأعمال ظهرت وكان مما هي حق ثم إنهم عملوا ما ليس بشئ مثل المزيف والبهرج وغيره من جميع المحصولات (الظاهرية) فأفسدوا ما عملته الفلاسفةأولا. ثم ان الأصل (أصل الكيمياء) أيضا كان من (تفاعل) الطبائع لا من غيرها، فالوصول إلى معرفتها «معرفة الطبائع» ميزانها، فمن عرف ميزانها عرف كل ما فيها وكيف تركبت».