للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليونان ذات الموضوع نفسه في الكتاب؟ . كذلك فقد وجد زلبربرغ لدى مقارنة (١) أجراها بين كتاب» theophrast تاريخ طبيعة النبات» وبين كتاب الدينوري «كتاب النبات»، أن فرقا عظيما جدّا يتبين لأول وهلة بين وصف كتاب theophrast وكتاب أبي حنيفة. فلم تكن غاية كتاب theophrast رسم صور النبات وإنما تقصي الطبيعة النباتية، أي أن وصف theophrast كان وسيلة لا غاية. فبينما نراه يركز على وصف النباتات المهمة نباتيّا ويقف أمام خواصها طويلا، نراه يهمل النباتات الأقل لفتا للنظر.

وربما رسم صورا ممتازة مفصلة من جميع الجوانب لنباتات غريبة ممثلة عالم النبات، صورا تفوق أفضل صور الدينوري إلى حدّ بعيد. ومع هذا فإن صور الدينوري تفوق صور، theophrast إذا أمعن النظر في الكتابين، سواء من حيث العدد ككل أو من حيث التفاصيل الجزئية. فضلا عن ذلك، فإنه لمن العجب ألا يوجد في الآداب اليونانية والرومانية سوى كتاب آخر، كتاب «materiamedica» ل dioskurides , يمكن وضع وصفه للنبات إلى جانب وصف أبي حنيفة. ومع هذا فإن دوافع الوصف هنا ليست نفسها التي في «كتاب النبات» لأبي حنيفة، إذ أن هدف هذه الدوافع في كتاب dioskurides يتمثل في التيسير على القاريء العثور على الحشائش الطبية، أي يمثل ناحية عملية خالصة، أما الدوافع في كتاب أبي حنيفة فتنبثق، كما يظهر، عن غبطة وسرور بالصور العديدة لتكون النبات. ومع هذا فمن الممكن وضع وصف أبي حنيفة على سوية تلك أيضا. وفي كل الأحوال إنه لمن المدهش ألا تقدم لنا آداب العصور الغابرة برمتها سوى كتابين فقط في النبات نظيرين لكتابنا هذا. وقد اختتم زلبربرغ ملاحظاته هذه بالتساؤل التالي: «ترى كيف تأتّى لأمة الإسلام أن تبلغ في حقبة وجيزة من آدابها أمة الإغريق العبقرية، تبلغها في هذا المجال بل تتفوق عليها؟ (٢)» ثم أجاب على ذلك مشيرا، وهو جواب مقنع كما يبدو لنا. وكما ذكر من قبل (ص ٤٥٧) إلى أننا «إزاء مصطلحات علمية في النبات» سواء بالنسبة لكتاب أبي حنيفة أو بالنسبة لعلم النبات العربي على إطلاقه، فقد عرف أبو حنيفة «وفرة من


(١) المصدر السابق ص ٤٣ - ٤٤.
(٢) المصدر السابق ص ٤٤.