للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المصطلحات تتناسب مع مختلف صور أجزاء النبات، تعطى المنصف الانطباع وكأنها تمثل لغة اختصاص خلاقة غاية في الإحكام (١)». وهو يرى في أبي حنيفة عالما تجريبيّا خالصا بكل معنى الكلمة، خاليا ضمن وصفه للنبات من تلك التأملات النظرية، كما يذهب زلبربرغ إلى القول بأن وصف أبي حنيفة للنبات ينبع من «أبناء البادية البسطاء من الناحية العلمية». وربما لا يعثر رأسا على عالم تجريبي بهذا الصفاء في مصادر الشعوب الأخرى، لم يتفق أن وجدت عندها ظروف غريبة كهذه (٢).

وبمناسبة العناصر التي تميز وصف أبي حنيفة أشار زلبربرغ إلى «الحاجة اللغوية إلى تحديد محكم لأسماء النبات الموجودة في القصائد العربية». ولما كان الأمر يتعلق بمملكة نبات أجنبية، فإن الحاجة اللغوية هذه اقتضت أن تقوم على الوصف، ولم يقدر لها أن تقوم على مجرد ترجمة كلمات. ثم يشدد زلبربرغ على التميز و «أن أثر علم اللغة وعلم النبات واضح بصورة عجيبة في «كتاب النبات» للدينوري وأن هذا التلاحم بينهما جعل منه كتابا لا تفهم طبيعته المتميزة إلا بإمعان دقيق لظروف الزراعة العربية» (٣).

ويذهب زلبربرغ (٤)، فيما يتعلق بالمصادر التي يدين أبو حنيفة إليها بمعرفته للنبات إلى القول بأنها ثلاثة أصناف: «كتب مصنفة من قبل السابقين رجع إليها، واستفسارات لدى أهل البلاد، ثم ملاحظاته الخاصة». من الكتب التي كانت بين


(١) المصدر السابق ص ٤٥ - ٤٧.
(٢) المصدر السابق ص ٥٠ لقد ذكر زلبربرغ في حاشية تتعلق بهذا الشأن مايلي: «ومن الجدير بالذكر حقيقة أن للدينوري وصفا للحيوان أيضا، له طبيعة مشابهة تماما لوصفه للنبات. كل هذا في كتاب النبات.
كثيرا ما وصف حيوانات لها صلة واضحة بعالم النبات، كالحشرات التي تعيش على الأشجار والحشائش. أما في الحالات الأخرى فلا تبدو هذه العلاقة واضحة جلية. إلا أن في المخصص (م ١١ ص ٢٠٥، النباتات ذات الروائح العطرية) شاهد يرجع إلى كتاب النبات لأبي حنيفة، حيث أشير في جزء منه إلى استعمال الشحم في الشواهد الشعرية. وربما يوجد الكثير من وصف الحيوان الذي لم أره بعد. وسأعقبه بهذه المناسبة بنص عربي مصحح، مع ترجمة ألمانية لفقرة منه.
(٣) المصدر السابق ص ٥٣.
(٤) المصدر السابق ص ٥٣.