للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أوفق في نشرها قريباً، ثم ذكر بروكلمان أن له أرجوزة في الأخلاق، مخطوطة في برلين، ومن يدري لعل له أشياء غير هذه وتلك، فكم في الزوايا من خبايا:

[«عينية ابن زريق»]

لا تعذلية فإن العذل يولعه ... قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه (١)

جاوزت في لومه حداً أضر به ... من حيث قدرت أن اللوم ينفعه

فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلا ... من عذله فهو مُضنى القلب موجعه

قد كان مضطلعاً بالبين يحمله ... فضلعت بخطوب البين أضلعه (٢)

يكفيه من لوعة التفنيد أن له ... من النوى كل يوم ما يروعه (٣)

ما آب من سفر إلا وأزعجه ... رأي على سفر بالعزم يجمعه

كأنما هو من حل ومر تحل ... موكل بفضاء الأرض يذرعه (٤)

إذا الزماع أراه في الرحيل غنى ... ولو إلى السند أضحى وهو يزمعه (٥)

تأبى المطامع إلا أن تجشمه ... للرزق كدا وكم ممن يودعه

وما مجاهدة الإنسان واصلةً ... رزقاً ولا دعة الإنسان تقطعه

والله قسم بين الخلق رزقهم ... لم يخلق الله مخلوقاً يضيعه

لكنهم ملئوا حرصاً فلست ترى ... مسترزقاً وسوى الغايت تقنعه

والحرص في الرزق والأرزاق قد قسمت ... بغي ألا إن بغي المرء يصرعه

والدهر يعطي الفتى ما ليس يطلبه ... يوماً ويطمعه من حيث يمنعه

أستودع الله في بغداد لي قمراً ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه


(١) أشير هنا إلى أن هناك بعض اختلاف في رواية أبيات القصيدة, فمن أراده فليطلبه فيما ذكرت من مراجع.
(٢) ضلعت: أي أثقلت وتكسرت, يقال: داهية مضلعة: أي تثقل الأضلاع وتكسرها.
(٣) التفنيد: اللوم وتضعيف الرأي, وفي التنزيل العزيز, حكاية عن يعقوب عليه السلام: {لولا أن تفندون (٩٤)} , قال الفراء: يقول: تكذبون وتعجزون وتضعفون. معاني القرآن ٢/ ٥٥.
(٤) الحل: نقيض الارتحال, وهو بفتح الحاء, وكثير من الناس ينطقه بكسر الحاء, وهو خطأ.
(٥) الزماع, بفتح الزاي وكسرها: المضاء في الأمر والعزم عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>