للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتلقى فن التحقيق بوجه عملي، على يد بقية شيوخه وأعلامه، في رحاب دار الكتب حيث تتوفر المراجع: مخطوطة ومطبوعة. وقد وفق هذا المركز في نشر بعض الكتب بتحقيق علماء لهم في تحقيق النصوص سابقة، ومعاونة نفر من الشباب أُريد تدريبهم على تحقيق النصوص. ومن هذه الكتب: ديوان ابن الرومي (ستة أجزاء)، ومقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث، وكتاب الموسيقى الكبير للفارابي، والمذكر والمؤنث للمبرد، ولأبي البركات الأنباري، وكتاب الجواهر وصفاتها ليحيى بن ماسويه، ولا يزال هذا المركز قائماً، ولكن نشاطه قلَّ بصورة واضحة، ولعل الله يهيئ له من يقيل عثرته.

وقد أفسحت مطبعة دار الكتب المصرية مكاناً للهيئات العلمية من خارج مصر، فطبعت لحساب دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد - الهند، كتابين جليلين، أحدهما: «معرفة علوم الحديث» للحاكم النيسابوري، سنة ١٩٣٧ م، وثانيهما كتاب: «إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم» لابن خالويه، سنة ١٩٤١ م.

وبعد ... إن لدار الكتب المصرية تاريخاً عريقاً في نشر الكتاب العربي، ولكن عوامل كثيرة من الاستلاب والمسخ والتشويه تحجب هذا التاريخ أو تطمسه. لكن القضية أكبر من ذلك: إن تاريخ مصر يُغتال، وإن صفحات رجالها تطوى، وإن أيامها تُغَيَّب. وكل ذلك يتم بأيدينا وأيدي غيرنا، ثم نقول: إن هذا الجيل ضعيف الانتماء لمصر! واللَّهُمَّ لا؛ إن في هذا الجيل خيراً كثيراً، لكن الذين يعرضون عليه أمجاد مصر يقفون به أحياناً عند مظاهر هينة جداً من تاريخ الأيام والرجال، ويذرون وراءهم أياماً عظيمة ورجالًا كباراً. وإن من أوجب الواجبات أن تنشر أمام هذا الجيل صفحاتنا المضيئة، ومن أهمها تاريخنا وجهادنا في طبع الكتاب العربي والإسلامي، فقد غبر زمان وجاء زمان وليس بين أيدي الناس - عرباً وعجماً - من جياد الكتب إلا ما طبع بمصر.

ثم جاء الزمان النكد، ودارت آلات الطباعة الغاصبة (الأوفست) تأكل تاريخ مصر أكلًا وتغتال أيام الرجال اغتيالًا، فتنزع من فوق الأغلفة ومن خواتيم الكتب

<<  <  ج: ص:  >  >>