للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتلوا الآية أو السورة في صلاتك، أو في مغداك ومراحك، وعند أخذ مضجعك، وتمر عليها مراً، ثم تتلوها نفسها في ساعة أخرى من ساعاتك، وفي حالة مباينة من حالاتك، أو تسمعها من قارئ غيرك، فإذا هي تهزك هزاً، وإذا هي تملأ كل ما حولك بهجة وضياء، ثم تفجر أمامك ينابيع من الحكمة والهدى لم يكن لك بهما عهد، وتعجب، كيف غيب عنك كل هذا الخير فيما سلف لك من أيام!

وكل الكلام يمل إلا كلام ربنا عز وجل، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصفه - وهو المنزل عليه: «ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه».

وهذا الوجه من الإعجاز القرآني الذي قام له المؤلف ونهض به، وجه قاطع بات، لا تصح فيه لجاجة، ولا تسوغ معه مخالفة، لأنه قائم على قواعد اللغة، ومستند إلى أحكام التاريخ، وليس للهوى فيه حظ أو نصيب.

وعنوان الكتاب كما ترى (من إعجاز القرآن في أعجمي القرآن) - العلم الأعجمي في القرآن مفسراً بالقرآن - وهو عنوان دال على موضوعه صراحة، متجه إليه مباشرة، ومنهج الوضوح دائر في هذا الكتاب كله، فالمؤلف يمضي إلى قضاياه ويعالجها دون ثرثرة أو تلكؤ أو فضول.

يقرر المؤلف أن القرآن يفسر في ثنايا الآيات المعنى الدقيق لكل اسم أعجمي علم ورد في القرآن، أياً كانت اللغة المشتق منها هذا الاسم الأعجمي العلم، وإن كانت لغة منقرضة يجهلها الخلق أجمعون عصر نزوله.

وأسلوب القرآن في ذلك - كما يقول المؤلف - «المجانسة على الاسم العلم بما يفسر معناه أبين تفسير»، ومثال ذلك ما ذكره في تفسير اسم «زكريا» عليه السلام: يقول ربنا عز وجل: {ذكر رحمت ربك عبده زكريا (٢)} [مريم: ٢]، وقول المؤلف: زكريا في اللسان العبراني معناه حرفياً «ذاكر الله»، ثم يدعوك المؤلف إلى أن تتأمل المجانسة بين قوله تعالى: {ذكر رحمت ربك عبده زكريا (٢)} وبين «ذاكر الله»، كأنه عز وجل يقول - وهو أعلم بما يريد - ذكر الله ذاكر الله، أو: ذكر الله فذكره الله، أو: ذكر الله فذكرته رحمة الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>