للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يأتي تفسير العلم العجمي في القرآن بذكر المرادف العربي لمعناه بغير العربي: ومن ذلك أن معنى «جبريل» في العبرية: الشديد القوي، وجاء التعبير عنه في القرآن بذلك، قال تعالى: {علمه شديد القوى (٥) ذو مرةٍ فاستوى (٦)} [النجم: ٥، ٦]. والمرة بكسر الميم وتشديد الراء: بمعنى القوة أيضاً. وكذلك قوله تعالى عن جبريل عليه السلام: {إنه لقول رسول كريم (١٩) ذي قوة عند ذي العرش مكين (٢٠)} [التكوير: ١٩، ٢٠].

ومثل ذلك ما انتهى إليه المؤلف في أمر «نوح» عليه السلام، فقد رده بعض مفسري القرآن إلى «النواح» فقالوا: هو من ناح ينوح، وجاء المؤلف فطبق عليه منهجه فرده - اعتماداً على قواعد اللغة العبرية - إلى معنى التلبث والإقامة، ثم فسره بالسياق القرآني الكاشف، في قوله تعالى: {ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عاماً} [العنكبوت: ١٤]، وقوله عز وجل: {واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامى وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت} [يونس: ٧١]، وقوله تباركت أسماؤه: {وجعلنا ذريته هم الباقين (٧٧)} [الصافات: ٧٧].

وثالثة: يذكر المؤلف أن «إسماعيل» ينطق في العبرية «يشمعيل» ومعناه: سمع الله، أو سميع الله، ثم التمس هذا المعنى في سياق القرآن الكريم، فوجده في قوله عز وجل على لسان إبراهيم عليه السلام: {الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق إن ربي لسميع الدعاء (٣٩)} [إبراهيم: ٣٩]، وفي قوله عز وجل على لسان الخليل أيضاً وابنه إسماعيل عليهما السلام: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم (١٢٧)} [البقرة: ١٢٧].

وهكذا يمضي المؤلف بهذا المنهج في تفسير أسماء الأعلام الأعجمية وما يشبهها من أسماء الأجناس والمواضع، وقد أحصى في ذلك واحداً وستين علماً أعجمياً أو مختلفاً في عجمته في القرآن، فسرها من القرآن نفسه، تعالى منزله. ثم ذكر أن القرآن لا يفعل هذا فقط، ولكنه يصحح أيضاً لعلماء العبرية وعلماء التوراة، وقت نزوله وإلى يوم الناس هذا، تفسيراتهم اللغوية لمعنى هذا العلم العبراني

<<  <  ج: ص:  >  >>