أو ذاك، من مثل أسماء بني إسرائيل الواردة في القرآن وغيرها من أسماء المواقع، مثل «مدين» فيخطئ أصحاب اللغة ويصيب القرآن.
فهذا هو عمود صورة الكتاب، كما أقامه مؤلفه، وكما أراد له أن يكون، ولكنه من وراء ذلك ومن قدامه قد استطرد إلى قضايا كثيرة، عقيدية ولغوية وتاريخية.
ومن أنفس ما في هذا الكتاب - وكله نفيس إن شاء الله - ما ذكره المؤلف حول تاريخ كتابة التوراة والإنجيل، وأن نص التوراة مستنسخ من الذاكرة بعد نحو ثمانية قرون من وفاة موسى عليه السلام، وكذلك الأناجيل الأربعة المتداولة لم يخطها عيسى عليه السلام بيده، ولم يملها على حوارييه، وبهذا تكون سلسلة السند في التوراة والإنجيل منقطعة، وليس كذلك القرآن.
ومما يتصل بالتوراة: ما سجله المؤلف من قصورها وتقصيرها في ذكر الأنبياء الذين هم من قبل إبراهيم عليه السلام، فتكون بذلك «توراة بني إسرائيل» ليس غير.
وقد أفضى ذلك بالمؤلف إلى أن طعن كثيراً في «سفر التكوين» الذي بين أيدينا الآن، وكذلك شنع على كاتب التوراة وكشف تدليسه وكذبه في أكثر من موضع، بل إنه نبه على تناقضه مع نحو اللغة العبرية ومعجمها.
أما بنوة عيسى لآدم عليهما السلام، وعبوديته لله عز وجل فقد عالجها المؤلف في غير مكان من الكتاب.
والكتاب في تسعة فصول، خصص المؤلف الفصول الثلاثة الأولى منها لما يمكن أن نسميه تسمية علماء القراءات: الأصول، والفصول الستة الباقية جعلها لما يسمى عندهم الفرش، وهو تنزيل الكلام على أسماء الأعلام: علما علماً، كما ينزل الكلام في اختلاف القراء على سور القرآن: سورة سورة.
أما الأصول، فقد أدار المؤلف عليها كلاماً عالياً شريفاً، حول أصناف الملاحدة ومناقشتهم، ثم تكلم عن خصائص اللسان العربي وعبقرية العربية وقدمها، وأجه التقابل والتغاير بينها وبين العبرية، ليجيب بعد ذلك: لماذا كانت العربية هي أم الساميات جميعاً؟