الشعراوي فردنا إليه رداً جميلاً، وكان أول عهد الناس معه حين عرض لحديث هند بن أبي هالة في وصف خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي هذا الحديث غريب كثير كشفه الشيخ غاية الكشف، وأبان عنه غاية الإبانة. وبعض ما يعرفه الشيخ من غريب الكلام مما يدق ويغمض على كثير من الناس، بل إن بعض المثقفين يصحفه لخفاء معناه عنده: سمعت الشيخ ذات يوم في حلقة من حلقات يوم الجمعة ينشد قول الشاعر الأموي عروة بن أذينة:
لقد علمت وما الإشراف من خلقي ... أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى له فيعنيني تطلبه ... ولو قعدت أتاني لا يعنيني
هكذا أنشد الشيخ «وما الإشراف» بالشين المعجمة، وهو صواب إنشاده، ومعناه: إني لا أستشرف ولا أتطلع إلى ما فاتني من أمور الدنيا ومكاسبها ولا تتبعها نفسي. وبعضهم لا يعرف هذا المعنى الغريب فينشده:«وما الإسراف» بالسين المهملة مصحفاً ومزالًا عن جهته، وكأن الذي زين له ذلك وجود الكلمة في سياق الرزق.
وقد امتدت عناية الشيخ أيضاً إلى النحو، وهو علم التراكيب، وشأنه خطير، يقول أبو العباس ثلعب:«لا يصح الشعر ولا الغريب إلا بالنحو، النحو ميزان هذا كله»، والشيخ لا يكاد يخلي حلقة من حلقاته من شيء من دقائق هذا العلم الجليل.
ففي قوله تعالى:{وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا}[التوبة: ٤٠]، حيث جاءت «كلمة» الأولى بالنصب، و «كلمة» الثانية بالرفع، يقول: لماذا لم تعطف الثانية على الأولى فتكون منصوبة مثلها؟ ثم يجيب: لأن كلمة الله أصلًا عالية ثبوتاً ولزوماً، فهي لا تجعل. وهكذا يربط الشيخ بين الإعراب والمعنى في هذه الآية الكريمة، وفي غيرها من الآيات.
ومن وراء اللغة وقضاياها يتقدم الشيخ إلى الناس بثقافة العالم الأزهري المتمكن من علوم العربية كلها، لأن العربية عند أهل العلم كتاب واحد، فيلم الشيخ