يألف التعامل معهما وكثرة النظر فيهما، ولا تنتظر من طالب مبتدئ، أو من شخص محدود الثقافة، يريد معنى كلمة أو تركيب أن يرضى عن كتاب لغة موسوعي كهذين المعجمين، يمتد فيهما الكلام ويطول.
إن الحكم الصحيح على هذين المعجمين ينبغي أن يتم في إطار معرفة حال ابن منظور والمرتضى الزبيدي، ثم معرفة حال معجميهما المذكورين، فالرجلان ليسا من واضعي اللغة ولا من رواتها، لتأخر زمانهما كما تعلم، وتآليفهما الأخرى تدور حول شروح الكتب واختصاراتها. أما المعجمان اللذان صنفا هما: لسان العرب وتاج العروس فهما تجميع موسوعي ضخم للمعاجم السابقة عليهما بمناهجها المختلفة وتباينها: اتساعاً وضيقاً، وقلة وكثرة.
ولقد صرح ابن منظور في مقدمة «اللسان» بأنه جمعه من أصول معجمية خمسة، هي بحسب ذكره لها: تهذيب اللغة للأزهري (٣٧٠ هـ)، والمحكم لابن سيده (٤٥٨ هـ)، والصحاح للجوهري (حدود ٤٠٠ هـ)، والحواشي عليه لابن بري (٥٨٢ هـ) وتسمى هذه الحواشي: التنبيه والإيضاح عما وقع في الصحاح. والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير (٦٠٦ هـ).
وتمثل هذه المعاجم الخمسة ثلاث مدارس في التأليف المعجمي: المدرسة الأولى مدرسة ترتيب المواد اللغوية وفق مخارج الحروف، وهي مدرسة الخليل بن أحمد، ويمثلها من هذه المعاجم: التهذيب للأزهري والمحكم لابن سيده، والمدرسة الثانية: التي ترتب المواد على الجذور اللغوية (أصل الاشتقاق) واعتبار الحرف الأخير منها باباً بيني عليه المعجم، والحرف الأول فصلًا، مع مراعاة الترتيب الألفبائي فيما بين حرفي الباب والفصل، وهذا النظام إلى حرفها الأخير قبل كل شيء، ويمثل هذه المدرسة الصحاح وحواشيه. والمدرسة الثالثة - وهي المدرسة المألوفة لنا - التي ترتب المواد وفق الأول والثاني والثالث - ويمثلها النهاية لابن الأثير.
وقد ارتضى ابن منظور من مناهج هذه المدارس منهج المدرسة الثانية، مدرسة