وإلى المدينة «أن أحص من قبلك من المخنثين» يريد إحصاء بأسمائهم. فلما وصل الكتاب إلى ابن حزم صحف كاتبه فقرأ «اخص» بالخاء المنقوطة من فوق.
قال الراوي: فدعا ابن حزم بمن عرف من المخنثين - وكانوا ستة أو سبعة - فخاصهم، قال ابن جعدبة: فقلت لكاتب ابن حزم: زعموا أنه كتب إليه: أن أحصهم. لإقال: يا ابن أخي، عليها والله نقطة إن شئت أريتكها. وقال الأصمعي: عليها نقطة مثل سهيل - وهو النجم المعروف -. وروي أن أحد المخنثين قال لما اختلفوا في الحاء والخاء، لا أدري ما حاؤكم وخاؤكم، قد ذهبت خصانا بين الحاء والخاء. انظر لهذه القصة: تصحيفات المحدثين لأبي أحمد العسكري ١/ ٧٢، وشرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف، له أيضاً ص ٤٣، والتنبيه على حدوث التصحيف لحمزة بن الحسن الأصفهاني ص ١٠، وتصحيح وتحرير التحريف لصلاح الدين الصفدي ص ١٧، والحيوان للجاحظ ١/ ١٢١.
ولا ينبغي التشكيك في هذه القصة، لأنها مروية بأسانيدها، ولأن هؤلاء الذين خصوا معروفون بأسمائهم، ويقال في ترجمة كل منهم:«وهو ممن خصي بالنقطة».
انظر مع المراجع السابقة الأغاني لأبي الفرج ٤/ ٢٧٦ (طبعة دار الكتب المصرية).
فهذه أشهر نقطة، صنعت ما صنعت قديماً.
أما النقطة الثانية فكانت في أوائل الستينات من هذا القرن، حين كتب الدكتور لويس عوض في الأهرام، على امتداد شهري أكتوبر ونوفمبر ١٩٦٤ م، سلسلة مقالات حول أبي العلاء المعري ورسالة الغفران، وجعل عنوانها:«علىهامش الغفران شيء من التاريخ»، وفي بعض هذه المقالات أورد الدكتور لويس من شعر أبي العلاء قوله:
صليت جمرة الهجير نهاراً ... ثم باتت تغص بالصلبان
هكذا أثبت الدكتور قافية البيت «الصلبان» بباء منقوطة بنقطة واحدة، على أنها جمع «صليب»، وكتب تحت البيت «سقط الزند في وصف حلب»، وساق الكلام كله في بيان غلبة نصارى الروم على أهل الإسلام.