وصحة رواية البيت كما جاء في سقط الزند ١/ ٤٥١ - وبها تمام وزنه - "الصَِّلِّيان" بالصاد المكسورة بعدها لام مشددة، مكسورة أيضاً، ثم ياء مثناة من تحت، أي بنقطتين اثنتين. وأبو العلاء يذكر في هذا البيت الإِبل، ويصف ما لاقته نهاراً في البيداء من هجير وظمأ، وما رعت ليلاً من صلِّيان، وهو نبت له جذور ضخمة في الأرض، تجتثها الإِبل بأفواهها فتأكلها من شدة حبها لها، فإذا كانت رطبة أساغتها، وإذا كانت يابسة غصَّت
بها، أي شرقت وقد فجرت هذه القضية بركان غضب عند شيخ العربية أبي فهر محمود محمد شاكر، وأدار عليها كتابه الفذ الدامغ (أباطيل وأسمار).
فهذان مثالان على البلايا التي جرَّتها النقطة، زيادة أو نقصاً.
وفي الرد الذي أرسلته وزارة التربية والتعليم ونشر في الأهرام ٨/ ٨/١٩٩٥ اعتذار عن الخطأ في "غيد" التي كتبت "عيد"، وتسويغ له بأنه راجع إلى ظاهرة "التصحيف والتحريف"، وهذا خلط شديد ومغالطة صريحة كما ورد في تعقيب الأستاذ سامح كريم.
فهذا الذي جاء في سؤال البلاغة في امتحان الثانوية العامة، إنما يرجع إلى الغفلة وعدم المراجعة، وترك التثبت، ولا صلة له بقضية التصحيف والتحريف، لأن هذه القضية لها وجه آخر، وقد كتب فيها أهل العلم قديماً وحديثاً، ووضعت فيها مؤلفات كاملة، وأشهرها ما ذكرته في صدر هذه الكلمة في قصة خصاء المخنثين.
وأخطر ما في هذه القضية أن بعض الذين يكتبون فيها الآن يردون "التصحيف" كله إلى طبيعة الحرف العربي الذي يتشابه مع عدم النقط، وهذا غير صحيح، لأننا نجد كلمات كثيرة منقوطة نقطاً واضحاً لا لبس فيه، ومع ذلك تقرأ على غير وجهها، وهذا هو مفتاح القضية، إن كثيراً مما يتصحَّف من الكلام إنما يأتي نتيجة للغفلة، أو الجهل بتاريخ أمتنا وعلومها، وتاريخ رجالها، وكل ما أبدعته وأنتجته، ومن قبل ذلك ومن بعده عدم إعطاء الكلام حقه من التأمل والأناة، يؤكد هذا قول