حتى يكون لها عداوة في نفسه"، فقامت إليه امرأة فقالت: يا عمر، يعطينا الله وتحرمنا! أليس الله سبحانه وتعالى يقول: {وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً، فقال عمر: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفي رواية: "فأطرق عمر، ثم قال: كل الناس أفقه منك يا عمر! "، وفي أخرى: "امرأة أصابت ورجل أخطأ، وترك الإِنكار" تفسير القرطبي ٥/ ٩٩، وسنن ابن ماجه (باب صداق النساء، من كتاب النكاح) ص ٦٠٧، والمصنف لعبد الرزاق بن همام الصنعاني (باب غلاء الصداق، من كتاب النكاح) ٦/ ١٧٥.
وهذا باب آخر من أبواب صدق النفس، وهو الصبر على تلك الأجوبة المسكتة التي يواجه بها مشاهير الرجال، من أوساط الناس وضعفائهم، وفي تلك الأجوبة أحياناً ما يكون مثل لذع النار أو نهش الأفاعي، يصبر لها كبار النفوس، لأنها تردهم إلى الحق، وتعيدهم إلى الصواب، وبعض من ذلك يسميه الناس الآن: الديمقراطية، يكتب الناس عنها كثيراً، ويمارسونها قليلاً.
ومن ذلك ما رواه الزمخشري، قال: حبس عمرو بن العاص عن جنده العطاء (أي الرواتب) فقام إليه رجل حِمْيري، فقال: أصلح الله الأمير، اتخذ جنداً من حجارة لا يأكلون ولا يشربون! قال عمرو: اسكت يا كلب، قال: إن كنت كذلك فأنت أمير الكلاب! فأطرق عمرو، وأخرج أرزاقهم (أي رواتبهم). ربيع الأبرار ١/ ٦٩٠. وحدث محمد بن حبيب، قال: أخبرني ابن الأعرابي، قال: شهد أعرابي عند معاوية بشهادة، فقال له: كذبت! فقال الأعرابي: الكاذب المتزمل في ثيابك! فقال معاوية وتبسم: هذا جزاء من عجل. الهفوات النادرة للصابي ص ٣٥٥، وربيع الأبرار ١/ ٦٦٥.
وروي عن الفرزدق انه قال: ما استقبلني احد بمثل ما استقبلني به نبطي - والنبط: جيل من الناس كانوا ينزلون سواد العراق، ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم - قال: أنت الفرزدق الذي يمدح الناس ويهجوهم ويأخذ أموالهم؟ قلت