للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعادة قراءة الشعر العربي كله أولاً، ثم قراءة ما يقع تحت يدي من هذا الإِرث العظيم الضخم المتنوع من تفسير وحديث وفقه، وأصول فقه وأصول دين (هو علم الكلام) وملل ونحل، إلى بحر زاخر من الأدب والنقد والبلاغة والنحو واللغة، حتى قرأت الفلسفة القديمة والحساب القديم والجغرافية القديمة، وكتب النجوم وصور الكواكب، والطب القديم ومفردات الأدوية، وحتى قرأت البيزرة والبيطرة والفراسة، بل كل ما استطعت أن أقف عليه بحمد الله سبحانه، قرأت ما تيسَّر لي منه، لا للتمكن من هذه العلوم المختلفة، بل لكي ألاحظ وأتبين وأزيح الثرى عن الخبيء والمدفون".

فهذه هي ثقافة أبي فهر التي دخل بها ميدان تحقيق التراث، الذي اختار هو من عند نفسه نصوصه وأصوله، لم يملها أحد عليه، ولم يطلبها أحد منه، وكان من أبرز هذه النصوص: طبقات فحول الشعراء لابن سلام، وتفسير الطبري (١٦ جزءاً)، وتهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأخبار، للطبري (ستة أجزاء)، وجمهرة نسب قريش وأخبارها للزبير بن بكار (جزء منه)، ودلائل الإِعجاز، وأسرار البلاغة، كلاهما للشيخ عبد القاهر الجرجاني، إلى نصوص أخرى نشرها قديماً: فضل العطاء على العُسْر لأبي هلال العسكري، والمكافأة وحسن العقبى، لأحمد بن يوسف الكاتب المعروف بابن الداية، وإمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع، للمقريزي (جزء منه).

ومما يستطرف ذكره هنا أن أول كتاب تراثي يضع فيه أبو فهر قلمه بالتحقيق هو كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة، الذي أخرجه الشيخ محب الدين الخطيب عام ١٣٤٦ هـ= ١٩٢٧ م، أي منذ (٧٠) عاماً، وكان عمره إذ ذاك (١٨) عاماً، وقد شاركه تصحيح صفحات من الكتاب أستاذنا عبد السلام هارون، برّد الله مضجعه.

وفي هذه الأصول التراثية التي أخرجها أبو فهر، يظهر علمه الغزير الواسع الذي لا يدانيه فيه أحد من أهل زماننا، لأنه علم موصول بكلام الأوائل، منتزع منه

<<  <  ج: ص:  >  >>